الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

الفصل الثاني  
براءة الاختراع
وسوف نشرح هذا الموضوع في المباحث التالية:
المبحث الأول :-  مفهوم براءة الاختراع :
 براءة الاختراع هي عبارة عن شهادة تصدرها الجهة الإدارية المختصة وفقاً لأحكام القانون تعطي المخترع حق الاستئثار باستغلال واستخدام اختراعه صناعياً سواء بطريق مباشر أو غير مباشر ويستوى في ذلك إن كان هذا الاختراع يتعلق بمنتج صناعي جديد أو كان متعلقاً بطرق وسائل صناعية مستحدثة أو كان متعلقاً بتطبيق جديد لطرق ووسائل معروفة(1).
     ونجد أن قانون براءة الاختراع السوداني لسنة 1971م قد نص في مادته الثالثة على أن براءة الاختراع  تمنح عن كل اختراع جديد ناشئ عن جهد في الابتكار وقابل للاستغلال الصناعي ولكل اختراع يؤدي إلى تحسين اختراع قائم منحت عنه البراءة إذا كان جديداً ناشئاً عن جهد في الابتكار وقابلاً للاستغلال الصناعي.
    ونجد أن المادة 27/1 من اتفاقية الجوانب التجارية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية والمعروفة اختصاراً بـ (التربس) قد نصت على أن براءة الاختراع يجب أن تمنح لحماية الاختراعات التى تكون جديدة وتنطوي على خطوة إبداعية وتكون قابلة للتطبيق الصناعي.
      ومن خلال الاستعراض السابق نجد أن براءة الاختراع  حتى يتم منحها  يجب أن تتوفر في الاختراع الشروط التالية :
 ا/ الجدة.
2/ الخطوة الإبداعية. 
3/القابلية للاستغلال الصناعي. 
وسوف نشرح هذه الشروط بشيء من الإيجاز غير المخل فيما يلي :  
أولاً / الجدة : يجب أن يكون الاختراع جديداً بالمعني المطلق بمعنى أن لا يكون  جزءاً من معرفة  تكنولوجية موجودة في أى مكان من العالم قبل تاريخ طلب البراءة ويجب أن لا يكون الاختراع كذلك جزءاً من الأوضاع الفنية السائدة فيجب ألا يكون هذا الاختراع معروفا ً قبل تقديم طلب منح البراءة عنه ويستوى في ذلك  أن تكون المعرفة كتابة أو شفاهة أو عن طريق الاستغلال أو بأي وسيلة أخرى (1).
        توجد بعض الاختلافات فيما يتعلق بشرط الجدة في القوانين الوطنية لبعض الدول فمثلاً قانون البراءات الأمريكي لا يعتبر شرط الجدة قد انتفى إذا كان الاختراع معروف خارج أمريكا بوسائل غير مكتوبة ، أما في معظم الدول الأوربية ودول العالم فإن شرط الجدة ينتفي بمجرد المعرفة في خارج الدولة ولا فرق في أن تكون هذه المعرفة قد تمت شفاهة أو كتابة أو بأي وسيلة أخرى(2)
      وقد انحاز قانون براءة الاختراع السوداني لسنة 1971 م في المادة الثالثة إن  تمنح البراءة لاختراع يحسن من فعالية اختراع قائم أو معروف بين النحاس سيف وأن منحت عنه البراءة بشرط أن يكون ذلك الاختراع جديد وقابل لأن  يطبق صناعياً وكذلك نجد  أن القانون الأمريكي يمنح براءة الاختراع  لمعرفة مواد تم تطويرها واستخدامها لسنوات طويلة  بواسطة الجماعات المحلية والوطنية في الدول النامية ومثال ذلك براءة الاختراع التى منحت عن شجرة  النيم  والتي استخدمت منتجاتها على نطاق واسع في الهند ولعدة أغراض.
ثانياً / الخطوة الإبداعية (عدم الوضوح) :
     تشترط بعض الدول – مثل أمريكا أنه حتى يتم منح البراءة عن الاختراع أن يكون غير واضح بالنسبة للمهندس أو العالم العادي الذي يعمل في نفس المجال في الوقت الذي تم فيه الحصول على الاختراع ويتم التحكم في مسالة عدم الوضوح على أساس تحديد(3):
‌أ-       المعرفة التكنولوجية القائمة.
‌ب-  الاختلافات بين الاختراع المزعوم والمعرفة التكنولوجية القائمة.
‌ج-   مستوى المهارة العادية في المجال الصناعي.
 فالاختراع حتى يحوز على البراءة يجب أن يكون فيه ابتكار  و شئ  جديد وسمة إبداعية تميزه عن المعرفة القائمة وقت منح البراءة فيجب أن يقوم بحل مشكلة فنية قائمة.
ثالثاً/ القابلية للتطبيق الصناعي :    
1/ لا بد حتى تمنح براءة الاختراع أن يكون الاختراع قابلاً للاستغلال والاستفادة منه صناعياً. وتختلف التشريعات الوطنية في ضوابط الالتزام بهذا الشرط فمثلاً القانون الأمريكي يشترط أن يكون الاختراع من ناحية عملية قادراً على أداء وظيفة ما تستفيد منها البشرية وفي القانون الإسباني الذي يعد نموذجاً لكثير من دول أمريكا اللاتينية يجب أن يكون الاختراع قابلاً للتصنيع أو الاستخدام في أي شكل من أشكال الصناعة بما فيها الزراعة وكذلك نجد أن قانون براءة الاختراع السوداني لسنة 1971م اشترط لمنح براءة الاختراع أن يكون الاختراع قابل للاستغلال الصناعي.
     ولعله من المناسب أن نشير هنا إلى أنه حتى يتم منح براءة الاختراع يجب أن يكون الاختراع مشروعاً بمعنى انه لا يخالف القانون والنظام العام والآداب.
المبحث الثاني :- استثناءات براءة الاختراع:
     وفقاً لما جاء في المادة الثالثة من قانون براءة الاختراع السوداني فإنه لايعد من قبيل الاختراعات كل من: 
1-       القواعد النظرية
2-       الاكتشافات ذات الطبيعة العلمية.
   فلا يجوز وفقاً للقانون السوداني أن تمنح براءة اختراع عن أي من المعارف التي تدخل في معنى ما ذكر أعلاه.
    ووفقاً المادة 27 من اتفاقية ( التربس ) فإنه يجوز لأي دولة عضو في الاتفاقية ان تستثنى في قانونها الوطني من منح البراءة ما يلي :-
‌أ-     الاختراعات التي يتعارض استخدامها مع النظام العام والآداب.
‌ب-      طرق التشخيص والعلاج.
‌ج- النباتات والحيوانات.
  ولأهمية الاستثناءات السابقة والتي نصت عليه اتفاقية التربس سوف نشرحها بشيء من الايجاز فيما يلي :-
أولاً / النظام العام والآداب :
        يجوز لأي دولة أن تنص في قانونها الوطني على عدم منح براءة الاختراع لأي اختراع يكون منع استغلاله تجارياً داخل حدودها ضرورياً لحماية النظام العام والأخلاق بما في ذلك حماية الحياة أو الصحة البشرية أو الحيوانية أو النباتية أو لتجنب الأضرار الشديدة التي تلحق بالبيئة مع مراعاة الا يكون هذا الاستثناء ناجماً فقط عن حظر قوانينها لهذا الاستغلال.
     وفكرة النظام العام فكرة غير ثابتة ومتغيرة وتعتمد على الرؤى الوطنية وتختص المحاكم ومكاتب منح البراءة بتجديدها فمثلاً ووفقاً لإرشادات الفحص في المكتب الأوربي لبراءات الاختراع نجد أن فكرة النظام العام ترتبط بالأسباب الأمنية مثل الاضطرابات والفوضى العامة وكذلك ترتبط بالاختراعات التي يمكن  أن يؤدي استغلالها إلى انتهاج سلوك عدواني وإجرامي بصفة عامة ويشمل هذا الاستثناء كل الاختراعات التي تؤدي إلى الإضرار بالحياة أو صحة الإنسان والحيوان والنبات وكذلك يشمل الاختراعات التي  تؤثر سلباً على البيئة(1).  
    أما مفهوم الأخلاق فهو أيضاً مفهوم يتغير بالنظر إلى القيم السائدة في البلد فما يعد من الأخلاق في بلد ما قد لا يعد كذلك في بلد آخر فمفهوم الأخلاق يختلف باختلاف الثقافات والدول وتتغير كذلك بتغير الزمن فما يعد من الأخلاق في زمن ما قد لا يعد كذلك في زمن لاحق ولتحديد ما إذا كان الاختراع مخالف للأخلاق الفاضلة يجب مراعاة العوامل الثقافية والاجتماعية وعوامل الدين والتقاليد والجهة المختصة بتحديد ذلك هي المحاكم ومكاتب منح البراءة ويميز الفقه القانوني الأوربي بين النظام العام والأخلاق فمفهوم الأخلاق يشمل كل القواعد الأخلاقية المقبولة والتي تكون ذات جذور عميقة في ثقافة معينة – أما مفهوم النظام العام فإنه يتضمن حماية المصلحة العامة والسلامة والبيئة للأفراد ويشمل حماية البيئة بصفة عامة(1).  
ثانياً : طرق التشخيص والعلاج وإجراء الجراحة:
      يجوز للدول الأعضاء في اتفاقية التربس أن  تنص قوانينها الوطنية على استثناء طرق تشخيص الأمراض وطرق العلاج وإجراء العمليات الجراحية لمعالجة الإنسان والحيوان من منح براءة الاختراع وذلك لأنه في هذه الحالة فإن  الطريقة المستخدمة لا تعد اختراعاً كما أنه إذا تم  منح براءة اختراع لهذه المعارف لأدى لاحتكار فئة قليلة لها مما يؤدي إلى التأثير على صحة الإنسان والحيوان وهذا أمر من الخطورة بمكان(2).
ثالثاًَ / النباتات والحيوانات :
يجوز لأي دولة عضو في اتفاقية التربس أن تنص في قانونها الوطني على استثناء النبات والحيوان من منح البراءة وذلك لما يترتب على منح مثل هذه البراءة من آثار أخلاقية واقتصادية وقانونية ففي البرازيل مثلاً ينص القانون على استثناء كل الكائنات الحية فيما عدا الكائنات الدقيقة المخلقة جينياً ، وفي الدول الأوربية والتي تنتهج نهجًها فإنه يتم استبعاد السلالات النباتية والفصائل الحيوانية فقط من الحصول على البراءة . أما الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية فإنها تلتزم بمنح براءات اختراع عن الكائنات الدقيقة وهذا الالتزام محصور في الكائنات الدقيقة المعدلة جينياً وتلك التي لم تكن كائنة في الطبيعة من قبل(2).     
      ويشمل مفهوم الكائنات الدقيقة في بعض دوائر الاختصاص عناصر الخلية أو أجزائها الدقيقة ولكن استناداً للمفهوم العلمي فإنه في مجال التشريع يمكن حصر هذا المفهوم في البكتريا والفطريات والطحالب والكائنات وحيدة الخلية والفيروسات(4)
      ومن خلال الاستعراض السابق يتضح لنا مدى أهمية براءة الاختراع فهي تؤثر على حياة الإنسان وعلى البيئة المحيطة به من نبات وحيوان وعناصر البيئة الأخرى ومنعاً للاحتكار وفي سبيل العمل لتوفير المنتجات بأسعار مناسبة ورخيصة وجعلها في متناول أيدي المستهلكين وحفاظاً على البيئة من الأخطار المحدقة التي تهدد حياة الإنسان والنبات والحيوان يجب أن تسعى جميع دول العالم من خلال منظمات الأمم المتحدة ذات الاختصاص والمنظمات الأهلية الطوعية في العالم وضع نصوص قانونية دولية ملزمة لجميع الدول تنص على الآتي:
1-  منع احتكار أى اختراع يؤثر على صحة الإنسان وذلك بأن تقوم المنظمات المختصة بشراء حق البراءة من الشركات المالكة لها مثلاً أو إيجاد أى وسيلة أخرى تؤدي إلى هذا الهدف.
2-  القيام بجمع وتسجيل كل المعارف التقليدية في مختلف أنحاء العالم وجعلها مباحة الاستعمال في مجال خدمة تطور ورفاهية الإنسان بما في ذلك المعارف التقليدية الخاصة بالعلاج والزراعة وغيرها.
3-     حظر منح أي براءة اختراع لأى اختراع تكون له آثار ضارة بالبيئة بكل مكوناتها.
المبحث الثالث :- حق منح البراءة وحمايتها:
وسوف نبحث هذا الموضوع في المطالب التالية:- 
المطلب الأول : حق منح البراءة
      وفقاً لنص المادة 8 من قانون براءات الاختراع لسنة 1971م فإن الحق في منح البراءة يكون للآتي:
1/ المخترع سواء كان فرداً او شخصين أو مجموعة من الأشخاص إذا كان
    الاختراع كان نتيجة لعمل مشترك بينهم.
2/ الشخص الذي آلت إليه حقوق الاختراع.
الحقوق التي تخولها البراءة:
       إن منح البراءة عن الاختراع  يخول صاحبها حق الاستئثار بها واستغلالها كما أنها تعطيه حق منع الغير من استغلالها دون الرجوع اليه وقد حددت المادة 21 من قانون براءات الاختراع لسنة  1991م الحالات التي يمنع فيها صاحب الحق في البراءة الغير من استغلالها فقد نصت هذه المادة على الآتي:-
تخول البراءة لصاحبها المسجل الحق في منع الغير من القيام بالأعمال الآتية:
1/ عندما تمنح البراءة فيما يتعلق  بإنتاج سلعة :
أولاً : صنع أو استيراد السلعة أو عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها.
ثانياً : تخزين تلك السلعة بقصد عرضها للبيع أو بيعها  للتصنيع.
2/ عندما تمنح البراءة فيما يتعلق باستخدام طريقة للتصنيع.
أولاً : استخدام طريقة التصنبع .
ثانياً : القيام بأى من الأعمال المشار إليها في الفقرة (1) المتقدم ذكرها بالنسبة لسلعة ناتجة عن استخدام طريقة التصنيع.
مدة سريان البراءة :
   لقد حدد قانون براءات الاختراع لسنة 1971م مدة سريان البراءة بعشرين عاماً  فقد جاء في المادة 25 منه أن الحقوق المترتبة على البراءة تنقضي بعد عشرين سنة من تاريخ  تقديم الطلب بشرط دفع الرسوم السنوية المقررة في اللوائح.
المطلب الثاني :- حماية براءة الاختراع:
     أن براءة الاختراع تعتبر من الحقوق التي لها قيمة مالية وهى تعتبر أحد عناصر المشروع التجاري المصنع الذي يقوم بتصنيعها وتسويقها لذا كان من الطبيعي حمايتها من الاعتداء عليها والحماية قد تكون حماية مدنية وقد تكون  حماية جنائية : أما الحماية المدنية فإنه يجوز لكل صاحب حق في براءة الاختراع  اللجوء الي المحكمة المختصة عن طريق رفع دعوى ما يعرف بدعوى المنافسة غير المشروعة في مواجهة أي شخص قام بالاعتداء على براءة الاختراع كان يقوم بتصنيع الاختراع بدون إذن من صاحب الحق أو يقوم بتقليده الأمر الذي يؤثر في مستوى إقبال المستهلكين على شراء المنتج محل براءة الاختراع وإذا أثبت المدعي دعواه أمام المحكمة فإنها تحكم له بالتعويض المناسب مع الأمر بإزالة التعدي.
   أما الحماية الجنائية فإنها تكون وتتوفر مقتضياتها في مواجهة أي شخص يقوم باعتداء مقصود على براءة الاختراع فيجب أن يتوفر سوء القصد لدى المتهم بحيث يكون بسبب اعتدائه على براءة الاختراع قد حقق لنفسه كسباً غير مشروع وسبب للشاكي صاحب الحق في البراءة خسارة غير مشروعة.
المحكمة  المختصة :
تختص محكمة الخرطوم التجارية وحقوق الملكية الفكرية بالنظر في المخالفات المدنية والجنائية الناتجة عن قانون براءات الاختراع لسنة 1971م وذلك وفقاً لما جاء في أمر تأسيسها الصادر من السيد / رئيس القضاء بتاريخ 28/2/2002 م .
   والجدير بالذكر أنه في عام 2004م قام السيد/ وزير العدل بإصدار أمر تأسيس النيابة التجارية فقد جاء في أمر تأسيس النيابة المذكورة والصادر بتاريخ 18/9/2004م أنها تختص بالتحري والتحقيق واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م أو أي قانون آخر ذي صلة وذلك بالنسبة للمخالفات والدعاوى والشكاوى المتعلقة بموجب قانون براءة الاختراع لسنة 1971م وذلك من ضمن قوانين أخرى.

















(1) الملكية الفكرية ، أ. حسام أحمد حسين مكي ، ص 63. 
(1) الملكية الفكرية ، منظمة التجارة العالمية والدول النامية ، كارلوس م كوريا ، ترجمة أ. د. السيد أحمد عبدالخالق – دار المريخ – ص 75.       
(2) المرجع السابق – ص 76.
(3) المرجع السابق – ص78. 
(1) المرجع السابق – ذات الصفحة.
(1) المرجع السابق ، ص80. 
(1) المرجع السابق – ص 81- 82. 
(1) المرجع السابق ، ص85.
(1) المرجع السابق ، ذات الصفحة.