الخميس، 28 أبريل 2016

                                   دعوى المنافسة غير المشروعة 
الأصل أن حق مزاولة العمل التجاري هو حق مكفول لكل شخص بشرط أن تتوفر في هذا الشخص الشروط القانونية التي تجعله أهلاً لمزاولة مثل هذه الأعمالِ، وكذلك نجد أن المنافسة بين التجار في مجال الأعمال التجارية أمر مشروع ومحمود ولا قيد عليها سوى مراعاة العرف والعادات التجارية المتعارف عليها في الوسط التجاري، ولكن قد تأخذ المنافسة بين التجار صوراً غير مشروعة تؤدي إلى زعزعة الإستقرار في المعاملات التجارية وذلك كإتباع بعضهم لأساليب ووسائل غير قانونية تتعارض مع مبدأ الأمانة والنزاهة والمطلوب توافرها في المعاملات التجارية ، أو تتعارض مع الأعراف والعادات المتعارف عليها في الوسط التجاري، وقد تؤدي هذه المنافسة غير المشروعة إلى إلحاق الضرر ببعض التجار ولهذا يجوز لكل تاجر تضرر من أفعال هذه المنافسة أن يلجأ للقضاء لتعويضه عن الضرر الذي أصابه من جراء هذه المنافسة وذلك عن طريق رفع ما يسمى بدعوى المنافسة غير المشروعة([1]).
وتقوم دعوى المنافسة غير المشروعة في القانون السوداني والمصري والأردني وفى بعض  القوانين الأخرى على القواعد العامة للمسئولية التقصيريةِ، فهي عبارة عن دعوى مسئولية غير تعاقدية عن الأفعال الضارة الصادرة عن الغير، لذا يجب أن تتوفر فيها عناصر المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر ، وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر([2])، ورفع دعوى المنافسة غير المشروعة لها مدة معينة حددها القانون إذا لم ترفع فيه فإنها تسقط بالتقادم ، لذا سوف نتناول في هذا المبحث في مطلبين كل من أركان دعوى المنافسة غير المشروعة في المطلب الأول وفي المطلب الثاني ندرس متى ترفع دعوى المنافسة غير المشروعة وكل ذلك على النحو التالي:


المطلب الأول: أركان دعوى المنافسة غير المشروعة:
ذكرنا سابقاً أن دعوى المنافسة غير المشروعة تقوم على القواعد العامة للمسئولية التقصرية لذا يجب أن تتوفر فيها عناصرها والتي تتمثل في كل من الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الخطأ الضرر ، وسوف ندرس هذه العناصر على النحو التالي:
أولاًِ: الخطأِ:
عنصر الخطأ في دعوى المنافسة غير المشروعة يتمثل في وجود عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة ، ويعتبر العمل من أعمال المنافسة غير المشروعة إذا توفر فيه شرطين هما :
1-      قيام حالة المنافسة.
2-      أن تكون هذه المنافسة غير مشروعة.
وسوف نوضح هذين الشرطين فيما يلي:
الشرط الأولِ: قيام حالة المنافسةِ:
يشترط لتوافر عنصر الخطأ أن تكون هناك منافسة بين مرتكب العمل "المدعى عليه" وبين التاجر المتضرر "المدعي" وتعتبر حالة المنافسة قائمة إذا توافرت الشروط التالية:
1-  أن يقع الفعل محل الدعوى لصالح نشاط تجاري آخرِ، فلابد أن يكون النشاطين قائمين وقت قيام حالة المنافسة، فإذا لم يكن لمرتكب الفعل نشاط تجاري قائم وقت إرتكابه وإنما هدف لتحقيق غرض آخر من وراء قيامه بهذا الفعل فإنه في هذه الحالة لا توجد منافسة غير مشروعةِ. ولكن هناك حالات يكون القصد من القيام بالعمل التنافسي التمهيد لنشاط تجاري سوف يقوم في المستقبل ويهدف إلى جذب عملاء المحل التجاري الذي تعرض للمنافسة إلى المحل التجاري الجديد بمجرد بداية النشاط فيه ففي هذه الحالة تتوفر عناصر المنافسة غير المشروعة بالرغم من عدم قيام النشاط التجاري وقت إرتكاب الفعل([3]).
2-  أن تكون النشاطات التجارية متماثلة ولو في جزء من نشاط التاجر المستهدف بفعل المنافسة إذ أن حالة المنافسة توجد في القدر المشترك بين هذه النشاطات، وكذلك توجد حالة المنافسة إذا كانت النشاطات متشابهة، وذلك لأن الإعتداء في مثل هذه الحالات يؤدي إلى إنصراف عملاء المحل إلى المحل الآخر ، ومثال ذلك أن يقع فعل المنافسة غير المشروعة بين تجار يكون محل تجارتهم  الأقمشة أو الأجهزة الإلكترونية ،   أما إذا كانت الأنشطة مختلفة كأن يكون أحدهما يعمل في تجارة الصابون والآخر يعمل في تجارة الأقمشة فإن حالة المنافسة لا توجد في مثل هذه الحالة([4]).
الشرط الثاني: أن تكون المنافسة غير مشروعةِ:
تعتبر المنافسة غير مشروعة إذا أستخدم التاجر أساليب ووسائل تخالف القانون ، أو العرف التجاري أو العادات التجارية ، أو أستخدم أساليب تخالف مقتضى الأمانة والنزاهة، فالمنافسة في حد ذاتها أمر مشروع بل ومفيد إذا تمت بوسائل مشروعة، فمن حق أي تاجر في أن يجتهد ويعمل على تقديم أفضل الخدمات لعملائه وذلك بأن يوفر لهم أجود أنواع السلع وبأسعار مناسبة، ويعاملهم بأمانة وبأسلوب جميل ، فهذه الأشياء لا تسبب ضرراً لأحد حتى ولو نتج عنها إنصراف عملاء محلات تجارية أخرى إلى محل هذا التاجر ([5]).
              وأعمال المنافسة غير المشروعة كثيرة ومتعددة ولكن نذكرمنها الأعمال التالية على سبيل المثال:
1- الإعتداء على الملكية الصناعية والتجارية:
يعد من أعمال المنافسة غير المسروعة إعتداء التاجر على حقوق الملكية الصناعية والتجارية التي تخص تجار آخرين كإستخدام الإسم التجاري لتاجر آخر، أو العنوان التجاري، أو براءة إختراع ، أو العلامة التجارية ، أو الجوائز والرسوم والنماذج وغيرها من الحقوق .
2- الغش التجاري:
المقصود بالغش التجاري أن يخدع الصانع أو التاجر الناس في حقيقة السلعة والبضاعة التي يعرضها عليهم ، وذلك بأن يخفي حقيقة نوعها ، أو تركيبها ، أو وزنها ، و يترتب على هذا الخداع أن يقبل الناس على شراء السلعة منصرفين عن المحلات التجارية الأحرى الأمر الذي يؤدي إلى بوار تجارة التجار المنافسين فضلاً عن غبن المستهلكين ، فهذا الغش يعد منافسة غير مشروعةِ([7]).
3- الإعلان المؤذي:
لكل تاجر أن يقوم بالإعلان عن تجارته وأن يظهر من خلال هذا الإعلان محاسنها وما تمتاز به من مميزات كالجودة ورخص الثمن وغير ذلك من المميزات ، فهدف الإعلان هو ترغيب الزبائن والعملاء في بضاعة التاجر، ولكن ليس للتاجر تجاوز حدود الترغيب المألوف إلى الطعن الصريح في بضائع منافسيه من التجار وذكر عيوبها حتى ولو كانت هذه العيوب حقيقية لأن ذلك يعتبر تشهيراً بهم الأمر الذي يؤدي إلى تبادل الطعن في السلع مما يؤدي إلى إضطراب المعاملات التجارية([8]).
4- تعطيل إنتاج المنافسين:
والمقصود بتعطيل إنتاج المنافسين أن يستخدم التاجر وسائل وأساليب غير مشروعة تخلق المصاعب والعراقيل في مشروع التاجر المنافس بحيث يتعذر على ذلك التاجر مزاولة تجارته أو يؤدي إلى إضعاف إنتاجه كأن يروج الإشاعات ضده، ويسعى بالفتنة بينه وبين عماله أو يشجعهم على الإضراب للاستفادة من تعطل محله وبالتالي جذب عملائه إلى محلهِ([9]).
وقد يكون التحريض عن طريق إغراء عمال وموظفي المحل المنافس على ترك العمل فيه وإلحاقهم من ثم في العمل معه وذلك بقصد الإستفادة منهم في جذب العملاء لمحله التجاري أو معرفة سر من أسرار أعمال المحل المنافس ، وهذا الأمر يتصور في بعض الأعمال والأنشطة التي تتوقف على مهارة العمال والموظفين سواءً فيما يتعلق بالإنتاج والتوزيع أو الأفعال بالعملاءِ. فكل الأعمال السابقة  تؤدي إلا الاضطراب في مشروع التاجر المنافس وتعتبر منافسة غير مشروعةِ([10]).
5- البيع بالخسارة:
الأصل أن التاجر حر في بيع بضائعه بالثمن الذي يحدده ولو كان بأقل من سعر التكلفة، وقد يحدث ذلك في بعض الأحيان للإعلان أو خوفاً من نزول الأسعار في السوق إلى مستوى متدني، أو خوفاً من فساد البضاعة أو بسبب إنتهاء طرازها ونوعيتها، ولكن إستخدام هذا  الحق -كغيره من الحقوق- يجب أن يتم من غير تعسف يؤدي إلى الإضرار بالآخرين، فإذا قام التاجر بالبيع بأقل من سعر التكلفة بهدف الإضرار بمنافسيه تمهيداً للإحتكار ورفع الأسعار، أو كان يهدف إلى إجراء مقارنة بين الأسعار التي يبيع بها هو والأسعار التي يبيع بها بقية التجار الآخرين فإن كل ذلك يعد من المنافسة غير المشروعة([11]).
ثانياًِ: الضرر:
     دعوى المنافسة غير المشروعة هي دعوى مسئولية غير تعاقدية لذا يجب إثبات الضرر من جانب المدعى ليتم تحديد التعويض بمبلغ الضرر، ويعتبر مجرد وقوع فعل المنافسة غير المشروعة ضرراً يلزم من قام به بالتعويض سواءً ترتب عليها ضرر أم لم يترتب ، وذلك لأن مجرد وقوع هذه الأعمال يعنى  أن الضرر قد وقع ، وذلك لأن القضاء في دعوى المنافسة غير المشروعة يأخذ بالضرر الإحتمالي وذلك خلافاً لقواعد المسئولية التي تتطلب وقوع الضرر فعلاً، وتقوم المحكمة بإزالة  الضرر وهو هنا فعل المنافسة غير المشروعة بالإضافة إلى الحكم بالتعويض ، كما أنها تأمر باتخاذ التدابير الكفيلة يمنع وقوع الضرر الاحتمالي([12]).
ثالثاًِ: رابطة السببية:
توجب القواعد العامة للمسئولية حتى يتم الحكم بالتعويض للمضرور إثبات أن الضرر محل الدعوى ناتج عن الخطأ الذي وقع من المدعى عليه، ولكن ونسبة لصعوبة الصلة بين خطأ المدعى عليه والضرر الواقع على المدعى في دعاوى المنافسة غير المشروعة نجد أن القضاء استثنى هذه الدعاوي من الأخذ بهذا المبدأ وأصبح يستخلص وقوعه من قيام وقائع تؤدي عادةً إلى إلحاق الضرر بالفعل([13]). ونجد أن في أخذ المحاكم بهذا النهج تحقيقاً للعدالة ، ويؤدي إلى أن يضبط التجار تعاملاتهم التجارية الأمر الذي يترتب عليه إستقرارالتعاملات فى السوق التجاري .
 ومتى ثبت للمحكمة  توفر عناصر المسئولية المذكورة سابقاً فإنه يتعين عليها الحكم بالتعويض المناسب للشخص المضرور ، وقد تواجه المحكمة صعوبات عملية في تقدير قيمة التعويض لذلك فإنها تستعين بالخبراء لتقدير قيمة التعويض المناسب، وكذلك للمحكمة أن تأمر بإزالة المخالفة كأن تلزم الشخص المسئول بإزالة الإسم التجاري للمضرور من على واجهة محله التجاري ، أو تلزمه بإضافة ما يميز إسمه التجاري عن الإسم التجاري للتاجر المضرور، كما للمحكمة أن تأمر بإزالة العلامات التجارية المقلدة من على منتجات التاجر المسئول، وللمحكمة كذلك أن توقع غرامة تهديدية على ذلك الشخص عن كل يوم يمتنع فيه عن إزالة المخالفة، و للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم في إحدى الصحف على نفقة المحكوم عليه حتى يعلم الكافة بالأساليب غير المشروعة التي إتبعها في مزاولة نشاطه التجاري([14]).
ومما تقدم يتبين لنا مدى أهمية دعوى المنافسة غير المشروعة كسبيل لحماية الأعمال التجارية ، ومدى ما تقوم به من دور فعال في حماية المعاملات التجارية من الأفعال التي تؤدي أو يحتمل أن تؤدي لإضطرابها  والتي تقع من التجار في سياق قيامهم بأعمالهم التجارية.
المطلب الثاني: متى ترفع دعوى المنافسة غير المشروعة:
لقد حدد قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م مدة محددة لرفع دعوى التعويض عن الفعل الضار فقد نص القانون المذكور في المادة 159 منه على أنه لا تسمع دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار بعد إنقضاء خمس سنوات من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه ، ولا تسمع هذه الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من وقوع الفعل الضار" النص السابق ينطبق على دعوى المنافسة غير المشروعة إذ أنها عبارة عن دعوى تعويض ناتج عن فعل ضار وهو فعل المنافسة غير المشروعة وعليه نجد  أن دعوى المنافسة غير المشروعة تسقط بالتقادم في أي من الحالات التالية:
1-      مرور خمس سنوات على تاريخ علم الشخص المضرور لوقوع الضرروبالشخص السئول عنه .
2-      بمرور خمس عشرة سنة في جميع الأحوال.






[1] - القانون التجاري، دِ. الواثق عطا المنانِ، مرجع سابق، ص199/ مبادئ القانون التجاري، دِ. مصطفى حلمي عابدينِ، مرجع سابق، ص63/ القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص377.
[2] - المرجع السابق، ص384/ القانون التجاري، د. الواثق عطا المنانِ، ص199/ مبادئ القانون التجرايِ، د. مصطفى حلمي عابدينِ، مرجع سابق، ص63.
[3] - القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص386/ شرح القانون التجاري، د. عزيز العكبلي، مرجع سابق، ص236.
[4] - القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص386/387.
[5] - المرجع لسابق، ص387/ القانون التجاري، د. الواثق عطا المنانِ، مرجع سابق، ص200.
[6] - المرجع السابق، ذات الصفحة/ شرح القانون التجاري، د. علي العريف، مرجع سابق، ص70/ القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص389.
[7] - شرح القانون التجاري، د. علي العريف، رمجع سابق، ص70/ د محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص390.
[8] - شرح القانون التجاري، د. علي العريف، مرجع سابق، ص71.
[9] - المرجع السابق، ذات الصفحة/ القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص390/ القانون التجاري، د. الواثق عطا المنان، مرجع سابق، ص201.
[10] - المرجع السابق، ص391.
[11] - المرجع السابق، ذات الصفحة/ شرح القانون التجاري، د. علي العوض، مرجع سابق، ص72/ القانون التجاري، د. الواثق عطا المنان، مرجع سابق، ص201.
[12] - مبادئ القانون التجاري، د. مصطفى حلمي عابدين، مرجع سابق، ص66/ القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص392-393.
[13] - المرجع السابق، ص394-395/ مبادئ القانون التجاري، د. مصطفى حلمي عابدين، مرجع سابق، ص66.
[14] - القانون التجاري، د. الواثق عطا المنان، مرجع سابق، ص202/ مبادئ القانون التجاري، د. مصطفى حلمي عابدين، مرجع سابق، ص67. 

الاثنين، 25 أبريل 2016

الفصل الأول: التاجر:
التاجر هو الشخص الذي يقوم بالعمل التجاري باسمه ولحسابه الخاص بعد تمتعه بالأهلية اللازمة لذلك وقد يكون شخصاً طبيعياً أو اعتباراً وذلك على ما حسب وعرفنا التاجر في الباب الأول من هذا البحث، وحتى يكتسب الشخص لصفة التاجر يوجب عليه عدد من الالتزامات هي الالتزام بإمساك الدفاتر التجارية والالتزام بالقيد في السجل التجاري وعليه سوف نقوم ببحث هذا الموضوع في ثلاثة مباحث حيث ندرس في المبحث الأول الشروط اللازمة لاكتساب صفة التاجر ونبحث في المبحث الثاني إمساك الدفاتر التجارية ونتناول في المبحث الثالث القيود في السجل التجاري وذلك على النحو التالي:
المبحث الأول: شروط اكتساب صفة التاجر:
حتى يكتسب الشخص صفة التاجر لابد أن تتوفر فيه ثلاثة شروط هي:
1-      أن يقوم الشخص بالأعمال التجارية باسمه ولحسابه.
2-      أن يحترف الشخص القيام بالأعمال التجارية.
3-      توفر الأهلية التجارية.
وسوف نقوم بدراسة الشروط الثلاثة المذكورة سابقاً في المطالب التالية:
المطلب الأول: أن يقوم الشخص بالأعمال التجارية باسمه ولحسابه:
حتى يكتسب الشخص صفة التاجر لان أن يقوم بالأعمال التجارية باسمه ولحسابه الخاص فيكون هو صاحب العمل الذي يستفيد من أرباحه وتحمل خسائره وذلك لأن التجارة كما ذكرنا سابقاً تقوم على الائتمان وهو صفة شخصية يترتب عليها فحمل المسئولية الناتجة عن العمل التجاري([1]).
وبناءً على ما سبق فإن العمال والمستخدمين الذين يعملون مع التاجر في إنجاز أعماله التجارية لا يكتسبون صفة التاجر وذلك لأنهم لا يقومون بالعمل التجاري باسمهم ولا لحسابهم الخاص وإنما يقومون بالعمل التجاري باسم التاجر الذين يعملون معه ولحسابه كما أن العلاقة التي تربطهم بالتاجر هي علاقة عمل وبالتالي فإنهم لا يقومون بالأعمال التجارية على وجه الاستغلال عن التاجر بل يقومون بها تحت إشرافه وباسمه ولحسابه، بالإضافة إلى أن الآثار الناتجة عن قيامهم بهذه الأعمال تنصرف إلى التاجر وليس إليهم، وهؤلاء العمال المستخدمون لا يكتسبون صفة التاجر حتى ولو تم النص في عقد العمل المبرم بينهم وبين التاجر على اشتراكهم في الإدارة والأرباح والخسائر وذلك لأنهم تابعين للتاجر صاحب العمل([2]).
أما مديري الشركات التجارية فإن الأمر لا يخلو أن يكون المدير شريك في الشركة أو غير شريك فإذا لم يكن مدير الشركة التجارية شريكاً في الشركة فإنه لا يكتسب صفة التاجر وذلك لأنه في هذه الحالة لا يقوم بالعمل باسمه ولا لحسابه الخاص وإنما يقوم بالعمل لحساب الشركة وباسمها كما أن العلاقة التي تربطه بالشركة هي علاقة عمل([3]).
أما إذا كان مدير الشركة شريكاً فيها فإنه كان شريكاً متضامناً فإنه يكتسب صفة التاجر وذلك لأن الشريك المتضامن يكون مسئولاً مسئولية تضامنية وغير محدودة بحصته في الشركة وتتعدى مسئوليته المدير المتضامن عن ديون الشركة إلى أمواله الخاصة مع باقي الشركاء المتضامنين، أما إذا كان الشريك غير متضامن فإنه لا يكتسب صفة التاجر وذلك لأنه في هذه الحالة فغن مسئوليته تكون مسئولية محدودة يقدر حصته في الشركة كما أن علاقته بالشركة تعتبر علاقة عمل فهو ملزم بتنفيذ البرنامج والسياسة التي يجيزها مجلس إدارة الشركة([4]).
أما المدير في شركة التوصية بالأسهم فإنه لا يكتسب صفة التاجر لأن مسئوليته محدودة بمقدار حصته في الشركة كما أنه لا يجوز الشريك الموصى في شركات التوصية بالأسهم أن يتولى أعمال الإدارة فيها)([5]).
أما الوكلاء التجاريون مثل الوكيل بالعمولة فإنه يكتسب صفة التاجر وذلك على الرغم من أن الوكيل يقوم بالعمل التجاري لحساب موكله –الأصيل- ووفقاً لتوجيهاته والسبب الذي أدى لإضفاء صفة التاجر عليهم هي أنهم في سبيل في قيامهم بحرفة الوكالة التجارية ذاتها لا يخضعون لإرادة موكليهم وإنما يقومون بها على وجه الاستغلال وهذا سبب زافي لإكسابهم صفة التاجر إذا توفر شرط احترافهم لهذا العمل().
أا الوكيل العادي فإنه لا يكتسب صفة التاجر وذلك لأنه يقوم بالعمل لحساب موكله وليس لحسابه الخاص وباسمه، كما أن كافة الآثار المترتبة عن العمل الذي يقوم به بهذه الصفة تتصرف إلى ذمة موكله، بالإضافة إلى أنه يرتبط بعقد وكالة مع موكله فهو لا يقوم بعمله على وجه الاستغلال().
أما السمسمار بأنه يكتسب صفة التاجر لأنه يقوم بأعمال السمسمرة كمهنة وحرفة له وعلى هذا فإنه أثناء قيامه بعمله هذا لا يكون تابعاً لأحد الطرفين الذين يقوم بالتوسط بينهما فهو يمارس مهنة  السمسمرة على وجه الاستغلال كما أن السمسمرة تساهم في تداول الأموال لهذا يعتبر السمسار تاجراً([6]).
أما الممثل التجاري وهو الشخص الذي يكون مكلفاً من قبل تاجر أو شركة تجارية للبحث له عن عملاء وزبائن لشراء بضائعه والتعاقد معهم على ذلك فإنه إن كان هذا الممثل يرتبط بعقد عمل مع ذلك التاجر أو تلك الشركة فإنه في هذه الحالة لا يكتسب صفة التاجر وذلك لأنه في هذه الحالة لا يقوم بالعمل التجاري باسمه ولا لحسابه الخاص وإنما يقوم بالعمل لحساب من يمثله ووفقاً لتوجيهاته، أما إذا كان الممثل التجاري يقوم بأعمال تجارية أخرى بجانب الأعمال التجارية التي يقوم بها لمن يمثله ويوم بتلك الأعمال باسمه ولحسابه الخاص فإنه يكتسب في هذه الحالة صفة التاجر ومثال ذلك قيام شخص يمثل شركة لبيع السيارات بفتح محل لبيع قطع الغيار بجوار عمله كممثل تجاري لتلك الشركة([7]).
ويجب ملاحظة أن هناك أعمالاً تجارية مثل الأوراق التجارية والمتمثلة في الكمبيالة والسند الأذني والشيك لا تكسب الشخص صفة التاجر حتى و اعتاد القيام بها على الرغم من أن هذه الأعمال تعتبر من الأعمال التجارية فإنه لا يمكن للشخص أن يتخذ مثل هذه الأعمال حرفة له وبالتالي لا تكسب الشخص صفة التاجر وكذلك لا يكسب القيام بالأعمال التجارية التبعية الشخص صفة التاجر وذلك لأنها هي أصلاً أعمال مدنية تابعة لحرفة التاجر وهو عمله التجاري الأصلي([8]).
المطلب الثاني: أن يحترف الشخص القيام بالأعمال التجارية:
معنى أن يحترف الشخص القيام بالأعمال التجارية أن يتكرر منه وقوع العمل بصورة مستمرة ومنتظمة بحيث يجعله وسيلته للتعيش والارتزاق، وأن يكون مسؤولاً عن نتيجته قبل الغير، فيجب أن يكرس الشخص نشاطه وعمله بصفة معتادة للقيام بعمل معين للارتزاق منه([9]).
ويعتبر الشخص محترفاً لمهنة معينة إذا كان يقوم بها بصورة مستمرة ومتكررة بحيث تكون مهنته الرئيسية التي يرتزق منها وعليه إذا قام الشخص بعمل تجاري بصورة عارضة فإنه لا يكتسب صفة التاجر حتى ولو كان هذا العمل الذي قام به خاضعاً لأحكام القانون التجاري وعلى هذا فإنه يمكن القول أن الشخص الذي يحترف العمل التجاري هو الشخص الذي يزاول ذلك العمل ويقوم به بصورة منتظمة ومستمرة ويتخذه مهنة يكتسب منها رزقه([10]).
والفرق بين الاعتياد والاحتراف هو الاعتياد درجة أقل من الاحتراف كما أن اعتياد الشخص على القيام بعمل معين لا يرفعه إلى درجة احترافه لذلك العمل في جميع الأحوال إذ أنه يجب بالإضافة إلى ذلك أن يكون هذا العمل هو النشاط الرئيسي لهذا الشخص للدرجة التي يعتمد عليه في معيشته ومثال ذلك المزارع الذي يشتري المحصولات الزراعية ثم يقوم ببيعها مرة أخرى بقصد تحقيق الربح فإنه لا يعتبر تاجر رغم أن العمل الذي يمارسه هو عمل تجاري، وكذلك مثال الطالب الذي يقوم بشراء وبيع السيارات فإنه لا يعد تاجراً وذلك لأن هذا النشاط ليس عمله الأساسي وليس مهنته([11]).
ولا يعني تكرار العمل التجاري أن يقوم به الشخص مرات كثيرة حتى يتحقق له شرط الاحتراف ومن ثم اكتساب صفة التاجر بل يكفي أن يكون التكرار كافياً لاعتبار الشخص معتمداً على هذا العمل في كسب عيشه ولو قام به مرات قليلة نظراً لطبيعة العمل التجاري الذي يقوم به فمثلاً الشخص الذي يقوم بشراء الأقطان في كل عام في موسم جني القطن يقصد إعادة بيعه لتحقيق الربح من وراء ذلك فإن شرط الاحتراف يتوفر في هذه الحالة وبالتالي يكتسب الشخص صفة التاجر رغم أنه لم يقم بهذا العمل سوى مرة واحدة في كل عام وذلك لأن هذا العمل أصبح مهنته الأساسية التي يتعيش منها، وكذلك الشخص الذي يشتري محلاً تجارياً ثم يقوم بتجهيزه وإعداده لاستغلاله في أعماله التجارية فإنه يكتسب صفة التاجر بمجرد تشغيل هذا المحل، وكذلك نجد أن الشركات التجارية تكتسب صفة التاجر بمجرد أن يتم تأسيسها وتستوفي الإجراءات القانونية كشهرها واكتسابها لشخصيتها المعنوية وذلك دون الانتظار لمزاولة أعمالها فعلياً([12]).
وعلى ما تقدم فإنه لا يعد تاجراً مالك العقار الذي اعتاد على سحب كمبيالات بالأجرة على المستأجرين له وذلك لأن سحب الكمبيالات لا يعد عملاً يتعيش منه وإنما هو يتعيش من قيمة تأجير العقار فهو وإن كان يقوم بهذا العمل يسحب الكمبيالات. وهو عمل تجاري على وجه الاعتياد إلا أنه لا يقوم به على وجه الاحتراف([13]).
ومما تقدم نجد أن للاحتراف عنصرين لابد من توافرهما حتى يكتسب الشخص صفة التاجر هما أن يقوم الشخص بالعمل التجاري بانتظام لدرجة اتخاذه وسيلة للتعيش منه والعنصر الثاني هو أن يتحمل هذا الشخص كل النتائج والتبعات المترتبة على عمله قبل الغير ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أمرين هما أن ينصب الاحتراف على عمل تجاري وأن يكون العمل التجاري حل الاحتراف مشروعاً ولأهمية هذين الأمرين سوف نقوم بشرحهما فيما يلي بإيجاز:
أولاً: أن ينصب الاحتراف على عمل تجاري:
يجب أن ينصب الاحتراف على عمل تجاري، المقصود بالعمل التجاري هنا هو العمل التجاري الأصلي، أو العمل الذي أضافه القانون للأعمال التجاري ولا فرق أن يكون هذا العمل من قبيل الأعمال التجارية المنفردة أو من ضمن أعمال المقاولات، أما الأعمال التجارية بالتبعية فإنها لا تكتسب الشخص صفة التاجر وذلك لأنها هي ذاتها تكتسب صفة التجارية من صفة التاجر الذي يقوم بها().
ثانياً: مشروعية الأعمال التجارية محل الاحتراف:
يجب أن يكون العمل التجاري الذي يمارسه التاجر على وجه الاحتراف عملاً مشروعاً ولا يخالف القانون ولا النظام العام والآداب، فالعمل غي المشروع مثل التجارة في المخدرات أو إدارة محلات القمار نجد أنه على الرأي الراجح لا يكسب الشخص القائم به صفة التاجر، ولكن يوجد رأي آخر يقول بإثبات صفة التاجر على الأشخاص الذين يقومون بمثل هذه الأعمال وقد استند أصحاب هذا الرأي على أن صفة التاجر مقررة أصلاً لحماية الغير حتى يستفيد من الضمانات التي يقررها القانون لمن يتعامل مع شخص تاجر وذلك مثل خضوع التاجر لنظام الإفلاس ولا يجوز حرمان هؤلاء الغير الذين تعاملوا مع هذا الشخص من الاستفادة من مثل هذه الضمانات بسبب نشاط ذلك الشخص غير المشروع، بالإضافة إلى أن القانون لم يشترط لاكتساب صفة التاجر أن يكون العمل التجاري الذي يمارسه الشخص مشروعاً([14]).
ومن خلال الاستعراض السابق نرى أن الرأي المناسب هو عدم إضفاء صفة التاجر على الأشخاص الذين يمارسون أعمالاً غير مشروعة وذلك كأصل عام ولكن كاستثناء على هذا الأصل نجد أن العدالة تقتضي إضفاء صفة التاجر على هؤلاء الأشخاص في حالة تعاملهم مع شخص حسن النية لا يعلم أنهم يقومون بمزاولة أعمالاً غير مشروعة ومخالفة للقانون والنظام العام وذلك حتى يستفيد هذا الشخص من الضمانات التي كفلها القانون لمن يتعامل مع تاجر.
ولكن يتبادر إلى الذهن سؤال حول متى يبدأ الاحتراف ومتى ينتهي وكيف يمكن إثبات أن الشخص قد احترف العمل التجاري وهل يوجد استثناء من شرط الاحتراف وللإجابة على الأسئلة السابقة سوف تقوم ببيان الأمور التي تضمنتها الأسئلة السابقة فيما يلي:
أولاً: بداية الاحتراف:
يعتبر الشخص محترفاً للأعمال التجارية بتكرار مزاولته لها بقصد تحقيق الربح وحتى تعتبر مصدر رزقه الأساسي وقد اختلف فقهاء القانون التجاري في الأعمال التحضيرية التي يقوم بها الشخص تمهيداً لقيامه بالعمل التجاري وذلك مثل تجهيز المحل التجاري وشراء الأثاثات له وقيامه بالإعلان عن أعماله التجارية بوسائل الإعلانات المختلفة بهدف جذب العملاء الزبائن لها وغير ذلك من الأعمال التحضيرية فذهب فريق منهم إلى أن مثل الأعمال تعتبر من الأعمال التجارية بالتبعية وهي تظل أعمالاً تجارية حتى لو فشل المشروع الأصلي الذي من أجله تم القيام بها. والرأي الثاني ذهب إلى أن أعمال التحضير لا تعتبر من الأعمال التجارية وإنما تعتبر من الأعمال المدنية وذلك لأنه لا يمكن أن تكتسب صفة التجارية قبل أن تكتسب الشخص الذي يقوم بها لصفة التاجر([15]) ونرى أن هذا الرأي هو الرأي المناسب وعليه تكون بداية الاحتراف بالبداية الفعلية للتاجر في مزاولة أعماله التجارية.
ثانياً: نهاية الاحتراف:
ينتهي الاحتراف بفقدان الشخص لصفة التاجر ويفقد الشخص هذه الصفة في حالة توقفه عن مزاولة الأعمال التجارية على سبيل الحرفة ويكون ذلك باعتزاله للتجارة اعتزالاً دائماً – أما توقف التاجر عن مزاولة عمله التجارة لفترة مؤقتة بسبب ظروف خاصة به فإن هذا التوقف لا يفقده صفة التاجر. ويجب ملاحظة أن توقف التاجر عن مزاولة العمل التجاري ليس له أثر رجعي بل يظل خاضعاً لأحكام القانون التجاري عن كل نتائج أعماله التجارية التي قام بها قبل أن يتوقف عن ممارسة تلك الأعمال فهذه الأعمال تظل محتفظة بالصفة التجارية حتى يعد اعتاد التاجر الذي قام بها للعمل التجاري([16]).
وينتهي الاحتراف كذلك بوفاة التاجر، وصفة التاجر لا تورث وبالتالي لا تنتقل إلى ورثة التاجر لأنها صفة شخصية مرتبطة بشخص الذي يحملها وجوداً وعدماً، أما الأعمال التجارية التي قام بها التاجر قبل وفاته تظل محتفظة بصفة التجارية بعد وفاته وتنتقل إلى ورثته بهذه الصفة([17]).
ثالثاً: إثبات الاحتراف:
مسألة إثبات الاحتراف هي مسألة وقائع تفصل فيها المحكمة من خلال البيانات والوقائع المطروحة أمامها ويجب أن يثبت أمام المحكمة أن الشخص قد زاول العمل التجاري على وجه الاحتراف وإثبات ذلك يكون بتوفر علامات تدل على وجوده من عدمه ومن القرائن الدالة على الاحتراف اتخاذ الشخص محلاً تجارياً لمزاولة أعماله منه وكذلك بقيام الشخص بالإعلان عن نفسه وعن أعماله في الصحف مثلاً أو غيرها من وسائل الإعلان أو كان يقوم بطباعة فواتير باسمه، وكذلك قيده لاسمه في السجل التجاري ويقع عبء إثبات الاحتراف على من يدعيه ويمكن له أن يثبته بكافة طرق الإثبات([18]).
ويجب الأخذ في الاعتبار بأن مجرد وصف الشخص لنفسه بأنه تاجر ثم يقوم بكتابة ذلك في أوراقه وخطاباته لا يكفي لاعتباره تاجراً بل لابد أن يثبت أمام المحكمة أن هذا الشخص قد احترف فعلاً القيام بالأعمال التجارية ويمكن للمملكة أن تعتبر وصف الشخص لنفسه بأنه تاجر قرينة ضده وتحكم بإثبات الصفة التجارية له إذا عضدت هذه القرينة أدلة أخرى، ويمكن للخصم أن يتمسك بوصف الشخص لنفسه بأنه تاجر لأنه يتضمن معنى الإقرار والشخص يؤخذ بإقراره، ويترتب على هذا إعفاء الخصم من إقامة الدليل على خصمه الذي أقر بأنه تاجر، ويجوز لمدعي هذه الصفة أن يوقع بأي وسيلة من وسائل الإثبات لإثبات عدم توافر الشروط القانونية اللازمة لاكتسابه صفة التاجر([19]).
الاستثناء من شرط الاحتراف:
الأصل العام أن الاحتراف شرط لاكتساب صفة التاجر ولكن قد ترد بعض الاستثناءات على هذا الأصل فقد يتوفر شرط الاحتراف ومع ذلك لا يكتسب الشخص صفة التاجر، وقد يتخلف شرط الاحتراف ويعتبر الشخص مع ذلك تاجراً ومثال لذلك ما نصت عليه المادة 13 من قانون التجارة الأردني والتي نفت صفة التاجر عن الدولة ودوائرها والبلديات واللجان والنوادي والجمعيات ذات الشخصية الاعتبارية وإن قامت بمعاملات تجارية وتكون المعاملات التي قامت بها غير خاضعة لأحكام القانون التجاري وقد أراد المشرع الأردني بهذا الحكم أن يبعد الدولة ومؤسساتها عن الالتزامات التي يفرضها القانون على التجار ويجنبها الخضوع لنظام الإفلاس الذي يخضع له التجار([20]).
ومثال اكتساب صفة التاجر رغم عدم توافر ركن الاحتراف ما نص عليه كذلك قانون التجارة الأردني في المادة 11 منه والتي أضفت صفة التاجر على بعض الأشخاص دون أن تشتر عليهم الاحتراف الحقيقي وإنما يكفي مجرد انتحالهم لهذه الصفة عن طريق الإعلان للجمهور في الصحف أو الإذاعة أو غيرها من وسائل الإعلان عن محله الذي أسسه ليزاول فيه عمله التجاري وهذه الأشياء تعتبر من القرائن القابلة للإثبات العكس فلهذا الشخص أن يثبت بكافة طرق الإثبات أنه لم يزاول التجارة فعلاً وذلك لأن صفة التاجر يكتسبها الشخص إذا توافرت فيه شروط قانونية محددة، وقد أراد المشرع  بتشريع مثل هذا الحكم أن يحمي الغير الذي تعامل مع منتحل هذه الصفة معتقداً بأنه تاجر حقيقي([21]).
وكذلك نجد أن المادة 4 من قانون الشركات الأردني يعتبر أن الشركة تكتسب شخصيتها الاعتبارية بعد تسجيلها وفقاً لأحكام القانون وبالتالي فإنها تكتسب صفة التاجر من تاريخ تسجيلها وقبل احترافها للأعمال التجارية التي أسست من أجلها([22]).
المطلب الثالث: توفر الأهلية التجارية:
يقصد بالأهلية التجارية صلاحية الشخص للقيام بالأعمال التجارية واحترافها فلا يكفي اكتساب صفة التاجر أن يقوم بمزاولة الأعمال التجارية على وجه الاحتراف وباسمه ولحسابه الخاص بل لابد أن يكون هذا الشخص متمتعاً بالأهلية التجارية وذلك لأنه لو انعدمت هذه الأهلية فإنه لا يعد الشخص تاجراً حتى ولو قام بالأعمال التجارية على وجه الاحتراف وباسمه ولحسابه وذلك لأن الأعمال التجارية نوع من التصرفات القانونية فيجب أن تتوفر في شخص القائم بها الأهلية القانونية اللازمة التي تخوله القيام بمثل هذه التصرفات وعلى هذا يجب أن يكون الشخص الذي يقوم بهذه الأعمال سناً معينة يحددها قانون الدولة التي يمارس فيها الشخص هذه الأعمال ويجب كذلك ألا يعتري هذا الشخص أي عارض من عوارض الأهلية التي تؤدي إلى نقصانها أو انعدامها وذلك مثل الجنون وسفه وغير ذلك من عوارض الأهلية().
ونجد أن القانون السوداني لم يفرق بين التأهيلية التجارية والأهلية المدنية فهو أخذ بمبدأ وحدة الأهلية ولعل السبب في ذلك أنه لا يوجد قانون تجاري مستقل يحكم المعاملات التجارية في السودان، وقد بين المشرع السوداني الأحكام الخاصة بالأهلية في قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م وقانون الأحوال الشخصية لسنة 1991م فقد جاء في المادة 22 من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م ما يلي:
1-  كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
2-      سن الرشد هي ثماني عشرة سنة قمرية كاملة.
3-      لا يكون أهلاً لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون.
4-      كل من لم يبلغ السابعة يعتبر فاقداً للتمييز.
5-      كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيهاً أو ذا غفلة يكون ناقص الأهلية وفقاً لما يقرره القانون.
6-  يخضع فاقدو الأهلية وناقصوها بحسب الأحوال في أحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة للشروط ووفقاً للقواعد المقررة في القانون .
وقد بين قانون الأحوال الشخصية لسنة 1991م الأهلية وما يتعلق بها من أحكام الكتاب الثالث من الفصل الأول وحتى الفصل الرابع بالنسبة لأهمية هذه الأحكام سوف نقوم فيما يلي بذكرها كما جاءت في القانون المذكور فقد جاء في المادة 214 يكون كل شخص كامل الأهلية ما لم يقرر القانون خلاف ذلك.
215- تكون سن الرشد ثمانية عشر عاماً.
216- يكون الشخص ناقص الأهلية إذا كان:
أ- صغيراً مميزاً.
ب- مجنوناً أو معتوهاً.
217- يكون الشخص فاقد الأهلية إذا كان:
أ- صغيراً غير مميز.
ب- مجنوناً أو معتوهاً.
218- يكون الشخص قاصراً إذا لم يبلغ سن الرشد ويون في حكمه كل فاقد للأهلية أو ناقصها.
219- يتلى شئون القاصر ومن حكمه من يمثله ويسمى بحسب الحال ولياً أو وصياً أو قيماً.
220- يكون الصغير مميزاً أو غير مميز وذلك على الوجه الآتي:
أ- الصغير غير المميز هو من لم يكمل العاشرة من عمره.
ب- الصغير المميز هو من أكمل العاشرة من عمره.
221- تكون تصرفات الصغير:
أ- غير المميز باطلة بطلاناً مطلقاً.
ب- المميز المالية صحيحة متى كانت نافعة له نفعاً محضاً وباطلة حتى كانت ضارة به ضرراً محضاً.
ج- المميز المالية المترددة بين النفع والضرر قابلة للأبطال لمصلحة الصغير ويزول حق التمسك بالأبطال إذا أجاز الصغير التصرف بعد بلوغه سن الرشد أو إذا صدرت الإجازة من وليه أو من القاضي وفقاً للقانون.
222- يجوز لولي الصغير المميز:
أ- أن يأذن له إذناً مطلقاً بإدارة أمواله أو أي جزء منه إذا أنس منه حسن التصرف.
ب- سحب الإذن أو تقيده متى ظهر له أن مصلحة الصغير المميز تقتضي ذلك.
223- يجوز للوصي –بعد موافقة القاضي- أن يأذن للصغير المميز بإدارة أمواله أو أي جزء منها إذا أنس منه حسن التصرف.
224- يعتبر الصغير المأذون كامل الأهلية فيما أذن له فيه.
225- يجب على الصغير المميز المأذون له من قبل الوصي أن يقدم للقاضي حساباً دورياً عن تصرفاته.
226- يجوز للقاضي إلغاء الإذن أو تقييده إذا اقتضت مصلحة الصغير المميز ذلك.
227- يكون رشداً من أكمل سن الرشد ما لم يحجر عليه لعارض من عوارض الأهلية.
228-
1- أن يكون للقاصر بعد رشده الحق في أن يطالب بحقوقه التي ضاعت بسبب تصرفات وصيه الضارة.
2- يسقط الحق المنصوص عليه في البند (1) بعد نص سنة من تاريخ مباشرة القاصر أعماله نتيجة رشده.
229- عوارض الأهلية هي الجنون والعته والغفلة والسفه وذلك على الوجه الآتي:
1- المجنون هو فاقد العقل بصورة مطبقة أو متقطعة.
2- المعتوه هو قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير.
3- ذو الغفلة هو من     في معاملاته المالية لسهولة
4- السفيه هو يبذر ماله فيما لا فائدة فيه.
230-
1- تكون تصرفات المجنون المالية حال إقامته وقبل الحجر عليه صحيحة وباطلة فيما عدا ذلك.
2- تكون تصرفات المعتوه قبل الحجر عليه صحيحة ما لم تكن حالة العته ثابتة وقت التعاقد وباطلة فيما عدا ذلك.
3- تكون تصرفات ذي الغفلة قبل الحجر عليه صحيحة ما تكن نتيجة استغلال وتكون كذلك تصرفات السفيه قبل الحجر عليه ما تكن نتيجة استغلال أو تواطؤ.
4- تطبقه على تصرفات السفيه وذي الغفلة الصادرة من الحجر عليها الأحكام المتعلقة بتصرفات الصغير المميز.
231- يجب على المحكمة مخابرة سلطات الأراضي المختصة للحجر على عقار المحجور عليه ومنع التصرف فيه إلا بإذن المحكمة المختصة.
232- يكون للمحجور عليه الحق في إقامة الدعوى بنفسه لرفع الحجر عنه.
ومن خلال الاستعراض السابق لأحكام الأهلية حتى كل في كل من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م وقانون الأحوال الشخصية لسنة 91 نجدها نصوص واضحة لا تحتاج إلى شرح ولكن هناك ملاحظة لابد من إثباتها هنا وهي أن الأحكام الخاصة بالأهلية في القانون السوداني قد جاءت عامة تشمل الرجل والمرأة والمسلم وغير المسلم والسوداني والأجنبي وهي تحكم الأهلية المدنية والأهلية التجارية هذا أمر فيه إجمال شديد ونرى ضرورة إعادة النظر فيه بإدخال نصوص خاصة بالأهلية التجارية وذلك لأنها –إذا توفرت شروط أخرى- تمنح الشخص صفة التاجر هي صفة تجعل للشخص مركز قانوني متميز عن غيره من الأشخاص فهي صفة تعطيه حقوقاً وتفرض عليه التزامات، بالإضافة إلى العمل التجاري –كما سبق وأوضحنا- يختلف اختلافاً كبيراً عن العمل المدني إذا أنه تترتب عليه آثار قانونية كثيرة تختلف عن الآثار القانونية الناتجة عن العمل المدني- كما نرى ضرورة إدخال نص واضح يحدد مدى أهلية الأجنبي الذي يباشر الأعمال التجارية في السودان وذلك قطعاً لأي تناع قد ينشا حتى يتعلق بالقانون الواجب التطبيق في هذه الحالة هذا وقد كان القانون المدني السوداني لسنة 1971م الملف قد نص في المادة 15/ب منه على أنه تخضع أهلية الأجنبي لمزاولة التجارة في السودان للقانون السوداني وهذا الأمر مهم جداً خاصةً وأن السودان على مشارف مرحلة جديد بعد توقيع اتفاقية السلام ومن المتوقع تدفق الاستثمارات الأجنبية فلابد من الاستعداد لهذه المرحلة من خلال نصوص قانونية واضحة تحكم كل ما يتعلق بهذه الأعمال.
أما قانون التجارة المصري لعام 1999م فقد نص صراحة على الأهلية التجارية ونظمها بنصوص واضحة فقد نص في المادة 11 سنة على الآتي:
1-      أن يكون أهلاً لمزاولة التجارة مصرياً كان أو أجنبياً:
a.  من بلغت سنه إحدى وعشرين سنة كاملة ولو كان قانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته يعتبره قاصراً في هذه السن.
b.  من أكمل الثامنة عشرة بالشروط المقررة في قانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته وذلك بعد الحصول على إذن من المحكمة المختصة.
2-  لا يجوز لمن تقل سنه عن ثماني عشرة سنة أن يزاول التجارة في مصر ولو كان قانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته يعتبره راشداً في هذه السن أو يجيز له الإتجار.
3-  تكون للقاصر المأذون له في الإتجار الأهلية الكاملة للقيام بجميع التصرفات القانونية التي تقتضيها تجارته.
ومن خلال النص السابق نجد أن المشرع المصري لم يفرق بين المصري والأجنبي أو بين المسلم وغير المسلم فلكل من بلغ سن الرشد وهي إحدى وعشرين سنة متمتعاً بقواه العقلية ولم يصب بأي عارض من عوارض الأهلية كالجنون والعته أو السفه والغفلة يجوز له مزاولة الأعمال التجارية في مصر حتى ولو كان قانون الدولة التي ينتمي إليها الأجنبي الذي يزاول التجارة في مصر يزيد أو ينقص من سن الرشد المذكورة سابقاً([23]).
أهلية المرأة المتزوجة:
نص قانون التجارة المصري لعام 1999م في المادة 14/1 منه على أنه ينظم أهلية المرأة المتزوجة الممارسة للتجارة قانون الدولة التي تنتمي إليها بجنسيتها" وهذا النص ينظم اشتغال المرأة الأجنبية المتزوجة بالتجارة في مصر أما المرأة المصرية فإذن هذا النص لا ينطبق عليها وإنما تطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية التي تنص على مساواة المرأة بالرجل فيما يتعلق بالأهلية بالتجارية فالمرأة تعتبر أهلاً لمزاولة التجارة دون حاجة إلى زوجها([24]).
وإذا كان قانون الدولة التي تنتمي إليها لامرأة الأجنبية بجنسيتها يجيز للزوج الاعتراض على احتراف زوجته للتجارة أو سحب إذنه السابق لها وجب قيد الاعتراض أو سحب الإذن في السجل التجاري ونشره في صحيفة السجل، ولا يكون للاعتراض أو سحب الإذن أي أثر إلا من تاريخ نشر في صحيفة السجل، ويفترض في المرأة الأجنبية المتزوجة التي تمارس التجارة أنها تزوجت وفقاً لنظام انفصال الأموال وهو ذلك النظام الذي تكون فيه للمرأة المتزوجة استقلالية كاملة في إدارة أموالها أما إذا ثبت أنها متزوجة وفقاً لنظام مالي آخر يقضي بغير ذلك فلا يستطيع متزوجة وفقاً لنظام مالي آخر يقضي بغير ذلك فلا يستطيع في هذه الحالة ممارسة التجارة وفقاً لما يقضي به هذا النظام([25]).
أما قانون التجارة الأردني فنجده ترك تنظيم الأهلية وما يتعلق بها من أحكام للقانون المبني وقد نص هذا القانون الأخير على أنه لكل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، وقد حدد هذا القانون سن الرشد بثماني عشرة سنة شمسية كاملة([26]). ومن ذلك نجد أن المشرع الأردني لم يفرق بين الأهلية المدنية والأهلية التجارية.
أما بالنسبة للأجنبي الذي يزاول التجارة في الأردن فإنه يتم الرجوع لقانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته لتحديد مدى أهليته لإجراء التصرفات القانونية في الأردن ومن ضمنها مزاولة الأعمال التجارية وعليه إذا كان قانون الدولة التي ينتمي إليها الأجنبي بجنسيته يعتبره أهلاً لمزاولة الأعمال التجارية ولو لم يبلغ السن المقررة للرشد في القانون الأردني وهي ثمانية عشرة سنة([27]).
ومما تقدم نجد أن القانون السوداني قد وافق القانون الأردني في وحدة الأهلية أي عدم تقسيمها إلى أهلية مدنية وأهلية تجارية واختلف معه فيما يتعلق بأحكام الأهلية بالنسبة للأجنبي فبينما الظاهر في القانون السوداني أن أحكام الأهلية فيه هي التي تطبق على الأجنبي الذي يزاول التجارة ف السودان نجد أن القانون الأردني يأخذ بقانون الدولة التي ينتمي إليها الأجنبي فيما يتعلق بأهليته ولكن نرى من خلال الاستعراض السابق أن المذهب الذي سلكه القانون المصري هو المذهب المناسب وذلك لأنه نص صراحة على الأهلية التجارية وفصل فيها وأوضح القواعد التي تتبع في تحديد أهلية الأجنبي الذي يمارس التجارة في مصر وكذلك نجده تضمن أحكاماً خاصة بأهلية المرأة الأجنبية المتزوجة التي تمارس التجارة في مصر.
وقبل أن نختم الدراسة في هذا المبحث نجد أن هناك مواضيع لها علاقة وثيقة به يجب أن نوضحها بشيء من الإيجاز غير الممل وتتمثل هذه المواضيع في توضيح أهمية التمييز بين التاجر وبين غير التاجر ومزاولة التجارة باسم مستعار وتعدد الحرف وأخيراً نتناول مدى اكتساب الأشخاص المحظور عليهم مزاولة التجارة لصفة التاجر وكل ذلك على النحو التالي:
أولاً: التمييز بين التاجر وغير التاجر:
إن اكتساب الشخص لصفة التاجر يجعله في مركز قانوني متميز وتظهر أهمية التمييز بين التاجر وبين غير التاجر من نواحي عديدة نذكر منها الآتي([28]):
1-      يخضع التاجر لنظام الإفلاس إذا توقف عن دفع ديونه التجارية أما غير التاجر فلا يجوز شهر إفلاسه إذا توقف عن دفع ديونه وإنما يخضع لأحكام قانونية أخرى للتنفيذ على أمواله تختلف في طبيعتها وأهدافها عن أحكام الإفلاس، كما أن التاجر يستفيد من نظام الصلح الواقي من الإفلاس بينما غير التاجر لا يستفيد منه.
2-  التاجر يلتزم بإمساك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري واتخاذ عنوان تجاري يزاول بموجبه أعماله التجارية كما يلتزم التاجر عن الامتناع عن المنافسة غير المشروعة، وشهر النظام المالي للزواج في بعض التشريعات، أما غير التاجر فلا تفرض عليه مثل هذه الالتزامات.
3-      لابد أن تتوافر في التاجر الأهلية التجارية حتى يجوز له مزاولة الأعمال التجارية.
4-  يخضع التاجر –في بعض التشريعات- لنظام ضريبي خاص هو نظام ضرائب الأرباح لتجارية والصناعية.
5-  التاجر يكتسب حق الانتساب إلى الغرف التجارية وحق الترشيح لمجالس إدارتها، كما يكتسب التاجر في بعض التشريعات حق التعيين كمحلف تجاري في المحاكم التجارية، بينما لا يكتسب غير التاجر مثل هذه الحقوق.
6-  تخضع الشركات التجارية لأحكام قانونية خاصة تختلف عن الأحكام القانونية التي تخضع لها الشركات المدنية.
7-  يفترض في العقود التي يبرمها التاجر أنها متعلقة بمهنته التجارية بينما لا يفترض ذلك في العقود التي يبرمها غير لتاجر.
ممارسة التجارة باسم مستعار:
قد يقوم بعض الأشخاص بممارسة الأعمال التجارية باسم مستعار وقد يكون هذا الاسم حقيقي وقد يكون وهمي فإن كان الاسم المستعار لشخص لوجود ويعلم أن هذه الأعمال التجارية تمارس باسمه فإنه في هذه الحالة يكتسب صيغة التاجر حماية للأوضاع الظاهرة، أما إن كان الاسم المستعار اسم وهمي لا وجود له فإنه في هذه الحالة يكتسب الشخص الذي يقوم بالعمل التجاري لحسابه الخاص صفة التاجر([29]).
وقد يقوم بعض الأشخاص بمزاولة التجارة تحت اسم مستعار لوجود أسباب خاصة بهم تمنعهم من مزاولتها في العلن وذلك مثل أصحاب بعض الوظائف الحكومية، أو مثل المحامين والأطباء غيرهم واكتساب مثل هؤلاء الأشخاص لصفة التاجر اختلف فيها فقهاء القانون على رأيين([30]):
الرأي الأول: يقول بأن الذي يكتسب صفة التاجر هو الشخص الظاهر أمام الغير وذلك لأن الاحتراف مظهر للمهنة والغير تعامل مع هذا الشخص وفقاً لوضعه هذا، وقد وافقت محكمة النقض تعامل مع هذا الشخص وفقاً لوضعه هذا، وقد وافقت محكمة النقض المصرية هذا الرأي في حكم صدر منها في عام 1962م حيث جاء منه أنه متى كان الشخص يمارس الأعمال التجارية باسمه على وجه الاحتراف والاستغلال فإنه يصدق عليه وصف التاجر، كما أن صفة الاحتراف والاستغلال فإنه يصدق عليها وصف التاجر، كما أن صفة التاجر لا تثبت في هذه الحالة إلا للشخص الظاهر وهو الذي يتعامل باسمه مع الغير ويظهر أمامه كما لو كان يعمل لحساب نفسه.
الرأي الثاني: يقول بأن كل من الشخص الظاهر والمستثمر يكتسب صفة التاجر، إذ أن في ذلك حماية وتقومه للائتمان والثقة.
ومن خلال الاستعراض السابق نجد أن الرأي الثاني هو الأولى بالاتباع وذلك لأن في إضفاء صفة التاجر على الشخص المستثمر تقوية للائتمان والثقة وهما الذين تقوم عليهما التجارة، كما أن هذا الشخص هو المستفيد من الأرباح الناتجة عن الأعمال التجارية التي يقم بها الشخص الظاهر لذا تقتضي قواعد العدالة والأنصاف أن يتحمل تبعات هذه الأعمال وهذا الأمر لا يتم إلا إذا اكتسب صفة التاجر.
ثالثاً: تعدد الحرف:
لا يشترط لاكتساب صفة التاجر أن يكون النشاط التجاري هو الحرفة الوحيدة للشخص فيجوز للشخص - إذا لم يوجد مانع قانوني يمنعه من ذلك- أن يمارس أكثر من نشاط ويمكن أن يكون النشاط التجاري هو الحرفة الأساسية للشخص أون يكون نشاط ثانوي بالنسبة له، فتعدد الحرف لا يمنع من إضفاء صفة التاجر على الشخص ولكن يشترط أن تكون الحرفة التجارية التي يمارسها بجانب الحرف الأخرى تحقق له ولو بصورة جزئية مورد دخل يتعيش منه ومثال ذلك الطبيب الذي يمارس مهنة شراء الأدوية والمأكولات ثم يقوم ببيعها بعد ذلك للمرضى نزلاء المستشفى الخاص به ففي هذه الحالة تعتبر مهنة شراء وبيع الأدوية والمأكولات مهنة مستغلة وقائمة بذاتها عن مهنة الطب فهو فيها يضارب على الربح فيكتسب صفة التاجر، وقد قضى القضاء الفرنسي بأن الشخص يكتسب صفة التاجر إذا احترف الأعمال التجارية حتى ولو كانت حرفته مدنية أو وظيفته هي التي تساعده على مزاولة أعماله التجارية فلا مانع من أن يكتسب الشخص صفة التاجر رغم أن حرفته المدنية هي المصدر الأساسي لرزقه بشرط أن يكون احترافه للأعمال التجارية مستقلاً عن حرفته المدنية([31]).
رابعاً: مدى اكتساب الأشخاص المحظور عليهم مزاولة التجارة لصفة التاجر:
الأصل أنه يجوز لكل شخص –متى ما توافرت فيه الشروط اللازمة لذلك- أن يزاول التجارة ولكن هناك بعض الفئات من الناس ممنوعة من ممارسة التجارة بموجب نص قانوني في القانون الذي ينظم مهنتهم ووظائفهم ومثال ذلك فئة المحامين فقد منعتهم المادة 25/1/د من قانون المحاماة السوداني لسنة 1983م من الاشتغال بالتجارة. ولكن السؤال في هذا المقام هو إذا خالف المحامي هذا النص واشتغل بالتجارة فهل يكتسب صفة التاجر؟ استقر الفقه والقضاء على أن الشخص المحظور عليه الاشتغال بالتجارة بموجب قانون خاص وخالف هذا الحظر وزاول العمل التجاري أنه يكتسب صفة التاجر، وعليه فإنه يلتزم بكل الالتزامات التي يفرضها القانون على التجار مثل مسك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري وإذا توقف عن دفع ديونه فإنه يكون عرضة لإشهار إفلاسه وذلك حماية للغير الذي تعامل معه معتمداً على الوضع الظاهر، ولا يعلم بالحظر مثل هؤلاء الأشخاص إدارياً بموجب الجزاءات الإدارية المنصوص عليها في القوانين المنظمة لوظائفهم.



[1] - شرح القانون التجاري، د. عزيز العكبلي، مرجع سابق، ص131/ القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص217.
[2] - المرجع السابق، ص218/ شرح القانون التجاري، د. عزيز العكبلي، مرجع سباق، ص131/ مبادئ القانون التجاري، د. مصطفى كمال طه، مرجع سابق، ص81.
[3] - المرجع السابق، ذات الصفحة/ القانون التجاري، د. محمد تفويق مسعودي، مرجع سابق، ص218.
[4] - المرجع السابق، ص218/ شرح القانون التجراي، د. عزيز العكبلي، مرجع سابق، ص133/ مبادئ القانون التجاري، د. مصطفى كمال طه، مرجع سابق، ص81/ نظيةالأعمال التجارية والتجار، د. عبد الفضيل محمد أحمد،مرجع سابق، ص108.
[5] - القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص219/ شرح القانون التجاري، د. عزيز العكبلي، مرجع سابق، ص133.
[6] -
[7] - المرجع السابق، ذات الصفحة/ القانون التجاري، د. محمد توفيق مسعودي، مرجع سابق، ص223/ نظرية الأعمال التجاية والتجار، د. عبد الفضيل محمد أحمد، مرجع سابق، ص109.
[8] - المرجع السابق، ص200/ شرح القانون التجاري المصري، د. علي العريف، مرجع سابق، ص52.
[9] - القانون التجاري المبادئ العامة وشركات الأشخاص، مرجع سابق، ص87/ مبادئ القانون التجاري، د. مصطفى كمال طه، مرجعه سابق، ص80.
[10] - القانون التجاري، د محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص204-206.
[11] - القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص206/ شرح القانون التجاري، د فوزي محمد سامي، مرجع سابق، ص89/ شرح القانون التجاري، د. عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص135/ نظرية الأعمال التجارية، د. عبد الفضيل محمد أحمد، مرجع سابق، ص106-107.
[12] - القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص207.
[13] - مبادئ القانون التجاري، د. مصطفى كمال طه، مرجع سابق، ص80/ القانون التجاري المبادئ العامة وشركات الأشخاص، مرجع سابق، ص89/ نظرية الأعمال التجارية والتجار، د. عبد الفضيل محمد أحمد، مرجع سابق، ص106.
[14] - المرجع السابق، ذات الصفحة/ القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص202-203/ شرح القانون التجاي، د. عزي العكيلي، مرجع سابق، ص139-140/ مبادئ القانون التجاري، تطبيقات في المعاملات التجارية في السودان، د. مصطفى حلمي عابدين، مرجع سابق، ص38-39.
[15] - المرجع السابق، ص216/ شرح القانون التجاري، د. عزيز العكبلي، مرجع سابق، ص144.
[16] - القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص217/ شرح القانون التجاري المصري، د. علي العريف، مرجع سابق، ص53.
[17] - المرجع السابق، ذات الصفحة/ القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص217.
[18] - المرجع السابق، ص214-215/ شرح القانون التجاري، د. عيز العكبلي، مرجع سابق، ص146-147/ شرح القانون التجاري، د. فوزي محمد سامي، مرجع سابق، ص207.
[19] - شرح القانون لتجاري، د. عزيز العكبلي، مرجع سابق، ص148.
[20] - شرح القانون التجاري، د. عيز العكبلي، مرجع سابق، ص148.
[21] - المرجع السابق، ص151.
[22] - المرجع السابق، ص152.
[23] - القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص225/ الوجيز في القانون التجاري، د. سوزان علي حسن، مرجع سابق، ص72.
[24] - المرجع السابق، ص76.
[25] - المرجع السابق، ص76-77.
[26] - شرح القانون التجاري، د. عزيز العكبلي، مرجع سابق، ص152.
[27] - المرجع السابق، ص154.
[28] - شرح القانون التجاري، د. فوزي محمد سامي، مرجع سابق، ص198/ شرح القانون التجاري، د. عزيز العكبلي، مرجع سابق، ص128-129.
[29] - القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص214.
[30] - المرجع السابق، ص212-213/ شرح القانون التجاري المصري، د. علي العريف ، مرجع سابق، ص54/ شرح القانون التجاري، د. عزيز العكبلي، مرجع سابق، ص137-138.
[31] - المرجع السابق، ص141-142/ القانون التجاري، د. محمد توفيق سعودي، مرجع سابق، ص207-208.