المبحث
الثاني
مصادر
القانون التجاري
مصادر القانون التجاري هي التشريع والعرف
والعادات التجارية والقانون المدني والقضاء والفقه التجاري ، وسنتناولها فيما يلي
بإيجاز ثم نختم هذا المبحث بتوضيح المصادر الدولية للقانون التجاري وكل ذلك على
النحو التالي:
المطلب
الأول: التشريع:
التشريع هو المصر الأول للقانون التجاري
فالمشرع هو الذي يقوم بإصدار التشريعات والقوانين والتي تصبح سارية بعد نشرها في
الجريدة الرسمية[1].
وفي السودان أصدر المشرع العديد من
التشريعات التي تحكم العمل التجاري ومنها على سبيل المثال قانون الكمبيالات لسنة
1917م وقانون الإفلاس لسنة 1929 وقانون
الشركات لسنة 2015 وغيرها من التشريعات[2].
المطلب
الثاني: العرف:
إن القانون التجاري نشأ في إيطاليا نتيجة
للأعراف التي كانت سائدة في مدنها، ولا زال العرف هو أحد المصادر الأساسية للقانون
التجاري. والعرف التجاري هو: (مجموعة من العادات التجارية تواتر العمل بها حتى
أصبح الاعتقاد في أذهان التجار بضرورة أخذها والالتزام بها دون أن يتم النص عليها في
العقد أو في القانون)[3].
والعرف إما أن يكون عرفاً خاصاً بتجارة
معينة أو أن يكون عرفاً عاماً يحكم جميع المعاملات التجارية، كما أنه يمكن أن يكون
عرفاً شاملاً لكل البلاد ولهذا يقدم العرف الخاص على العرف العام والعرف المحلي
على العرف الشامل للدولة، كما يمكن أن يوجد عرف دولي يسري في عدة دول بشأن نظام
تجاري معين[4].
والأمثلة على القواعد العرفية كثيرة منها
قاعدة افتراض التضامن بين المدنيين في المعاملات التجارية، وقاعدة عدم جواز تجزئة
الحساب التجاري وقاعدة الاكتفاء بإنذار المدين بخطاب عادي من ثم إنذاره بورقة
رسمية[5].
المطلب
الثالث: العادات التجارية:
يقصد بالعادة التجارية (اعتياد الأفراد على
إدراج شرط معين في عقودهم وغير مخالف للنظام العام والآداب. بحيث يمكن القول بوجود
هذا الشرط ضمناً دون النص عليه صراحة في العقود نتيجة استقراره في المعاملات
التجارية وتسمى هذه بالعادات الاتفاقية)[6].
الفرق
بين العرف والعادة:
1.
العرف التجاري ملزم
للطرفين ما لم يتم الاتفاق صراحة على استبعاده فهو يطبق ولو ثبت عدم علم
المتعاقدين بوجوده. أما العادة التجارية فإن إلزاميتها مستمدة من رضاء المتعاقدين
بها صراحة أو ضمناً.
2.
يعتبر تطبيق العرف
التجاري مسألة قانونية لذا فإن تطبيقه يعتبر خطأ في تطبيق القانون وبالتالي يوجب
نقض الحكم. أما تطبيق العادة التجارية فيعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع والخطأ في تطبيقها لا يوجب نقض الحكم.
3.
إثبات وجود العرف
التجاري يقع على من يتمسك به، كما أنه يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه الخاص في هذا
الأمر دون أن يطلب ذلك الأطراف في المسألة محل النزاع. أما العادة التجارية فإن
عبء إثباتها يقع على من يتمسك بها لوحده ولا يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه الشخصي بها
ويتم إثباتها بكافة طرق الإثبات.
أهمية
العادات الاتفاقية التجارية:
الأول:
السرعة التي تميز العمل التجاري تؤدي إلى أن يقوم التجار بعدم تضمين العقود التي
يبرمونها كل الشروط التي تحكم معاملاتهم التجارية لعدم توفر الوقت الكافي لديهم،
لذلك يتم الأخذ بالعادات الاتفاقية التجارية نسبة لانصراف إرادتهم الضمنية لها .
ثانياً:
أن العادات الاتفاقية التجارية خاصة بالتجار وهم عادة يتعاملون بها فلا حاجة إلى
أن ينصوا عليها في العقود التي يبرمونها والتي تكون متصلة بنشاطهم التجاري.
ومن أمثلة العادات الاتفاقية التجارية
إنقاص الثمن بدلاً من فسخ البيع إذا كانت البضاعة محل البيع أقل جودة من المتفق
عليها أو كانت كميتها أقل من الكمية في عقد البيع. وكذلك جرى العمل على إتباع مسلك
معين في حزم البضائع في بعض البيوع التجارية. وكذلك جرت العادة أن السكوت الطويل
عن الرد على الإيجاب الصادر من الطالب للبضاعة من شركة أو مصنع معين يعتبر قبولاً
للإيجاب في المسائل التجارية[9].
المطلب
الرابع للقانون المدني:
القانون المدني هو الشريعة العامة التي
تحكم العلاقات الخاصة بين الأفراد فيما لم يرد بشأنه نص في أي قانون آخر. فيجب على
القاضي إذا لم يجد أي نص في القانون التجاري أو العرف التجاري يحكم النزاع المطروح
أمامه أن يقوم بتطبيق أحكام القانون المدني باعتباره الشريعة العامة كما ذكرنا سابقاً[10].
المطلب
الخامس: القضاء:
يعتبر القضاء من المصادر التفيسرية للقانون
التجاري وهو من قبيل المصادر الاستثنائية – والمقصود بالقضاء مصدر تفسيري للقانون
التجاري مجموعة الأحكام والحلول القضائية المستقر عليها في حل المنازعات التجارية
المعروضة على المحاكم[11].
والقاضي هو الذي يقوم بتطبيق القانون لذا
فهو الذي يستطيع الوقوف على مواطن العجز والنقص ومواضع العيوب التي تجعل النص
التجاري غير واضح أو غير كاف في حكم بعض المعاملات التجارية كما أن القضاء يقوم
بدور كبير في تحديد بعض الأعراف والعادات التجارية[12].
المطلب
السادس: الفقه التجاري:
يقصد بالفقه التجاري (مجموعة آراء الفقهاء
المتخصصين في القانون التجاري والذين يقومون بدراسة وتفسير وتحليل أحكامه)[13]
والفقه من المصادر التفسيرية للقانون
التجاري كما هو الحال بالنسبة للقضاء وهو من المصادر التي يستأنس بها القاضي في
الوصول إلى الحكم في النزاع التجاري المعروض عليه وهو مصدر اختياري بالنسبة للقاضي
كما أن الفقه يساعد المشرع في تفسير القواعد التشريعية وبيان العيوب أو النقص الذي
قد يشوب هذه القواعد كما يساعد في إيجاد المعالجات والحلول لها. والفقه التجاري له
دور كبير في إثبات القواعد العرفية التي تحكم التعاملات التجارية كما يقوم
بتفسيرها[14].
المطلب
السابع: المصادر الدولية للقانون التجاري:
لا شك أن التجارة عندما بدأت – ولا زالت –
قد اكتسبت الصفة الدولية لذا كثيراً ما يثور التنازع بين القوانين الدولية
والمحلية في المجال التجاري وهذا الأمر أدى إلى التفكير في توحيد قواعد القانون
التجاري لتفادي حالات التنازع بين القوانين وبالتالي تنعم التجارة بالاستقرار
والثقة والطمأنينة، وقد بدأ هذا التفكير في نهاية القرن التاسع عشر وصولاً لهذا
الهدف نشأت بعض الهيئات التي أخذت على عاتقها العمل على توحيد أحكام القانون
التجاري في لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ومنها معهد توحيد القانون
الخاص بروما، ومنها غرفة التجارة الدولية وغيرها من المنظمات والهيئات[15].
[1] القانون
التجاري – د. محمد توفيق السعودي – مرجع سابق ص 24
[2] مبادئ
القانون التجاري – د. مصطفى حلمي عابدين – مرجع سابق – ص24
[3] القانون
التجاري – د. محمد توفيق السعودي – مرجع سابق ص 27
[4] المرجع
السابق – ص 28
[5] المرجع
السابق – ص29
[6] المرجع
السابق – ص 20
[7] المرجع
السابق – ص 32 - 33
[8] المرجع
السابق – ص 21
[9] المرجع
السابق – ص21 / 32
[10] المرجع
السابق – ص31
[11] المرجع
السابق - 35
[12] المرجع
السابق – ذات الصفحة
[13] المرجع
السابق – ص37
[14] المرجع
السابق – ص37
[15] المرجع
السابق – ص38
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق