بسم
الله الرحمن الرحيم
حقوق الملكية الفكرية
INTELLECTUAL
PROPERTY RIGHTS
( 1 )
حقوق الملكية الفكرية هي من الحقوق
المعنوية ، وهذه الحقوق هي التي ترد على شيء غير مادي(1)
وذلك مثل حق المؤلف والمخترع وقد نص قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م على هذه
الحقوق ونص على أن تتبع في شأن حقوق المؤلف والمخترع والفنان والعلامات التجارية
وسائر الحقوق المعنوية الأخرى أحكام القوانين الخاصة(2). والجدير بالذكر هنا أن القانون المذكور قسم
الحقوق إلى ثلاثة أنواع ف المادة ( 30 ) منه هى :
أ
/ الحق الشخصى : وهو عبارة عن رابطة قانونية بين دائن ومدين يطلب بمقتضاها الدائن
مدينه بنقل حق عينى أو القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل .
ب
/ الحق العينى : هو سلطة مباشرة على شئ معين يعطيها القانون لشخص معين ، وقد يكون
هذا الحق أصليا أو تبعيا ، والحقوق الأصلية وفقا لنص المادة 31/1 من القانون
المذكور سابقا هى الملكية والتصرف والإنتفاع والإستعمال والسكنى والمساطحة (
القرار ) وحقوق الإرتفاق والوقف ، والحقوق
العينية التبعية إستنادا لنص المادة 31/2 من القان المذكور سابقا هى التوثيقات
الثابتة بالرهن التأمينى أو الحيازى أو بنص القانون .
ج/
الحق المعنوى : وفقا لنص المادة 32 من القانون المكور سابقا الحقوق المعنوية هى
التى ترد على شئ غير مادى ، وتشمل حقوق المؤلف والمخترع والفنان والعلامات
التجارية وغيرها من الحقوق المعنوية ويخضع تنظيم هذه الحقوق لأحكام القوانين
الخاصة بها .
ويرتبط
الحق بالمال ، فالحق جزء من المال ، وقد عرف قانون المعاملات المدنية لسنة 1984
المال فى المادة 25 منه حيث نص فيها على ما يلى :
1
/ المال هو كل عين أو حق له قيمة مادية فى التعامل .
2
/ كل شئ يمكن حيازته ماديا أو معنويا والإنتفاع به إنتفاعا مشروعا ولا يخرج عن
التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلا للحقوق المالية .
3
/ الأشياء التى تخرج عن التعامل بطبيعتها هى التى لا يستطيع أحد أن يستأثر
بحيازتها ، والأشياء التى تخرج عن التعامل بحكم القانون هى التى لا يجيز القانون
أن تكون محلا للحقوق المالية .
ومما
تقدم نجد أن حقوق الملكية الفكرية هى عبارة عن مال ، وهى تصح أن تكون محلا للحقوق
المالية الأمر الذى يبين جزءا من أهميتها فقد اصبح لهذه الحقوق عائد مادى كبير.
والملكية الفكرية ( intellectual
property ( يقصد بها أن يكون صاحب الفكرة هو أول من
يقتطف ثمارها سواء كانت هذه الفكرة كتاباً، أو فيلماً ، أو مقطوعة موسيقية، أو
إبتكاراً صناعياً ، أو كيميائياً وهى تشمل نوعين من الملكية هما الملكية الصناعية
والملكية الأدبية والفنية . والملكية الصناعية : تشمل براءات الإختراع ، وحقوق
ملكية النماذج والرسوم الصناعية ، وأسماء المحلات التجارية ، والإشارات المميزة ،
والملكية الأدبية تشمل : ملكية القصص ، والأشعار،
والكتابات العامة ، وغيرها وكذلك تشمل النصوص المسرحية ، والأفلام ،
والتأليف ، والموسيقى ، والرسوم ، وأعمال النحت ، والتجارة ، وما أشبه ذلك(3) .
ويجب الأخذ فى الإعتبار أنه وفقا لنص المادة
( 3 ) من إتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية الموقعة فى يوم 20 مارس 1883 يجب
أن تؤخذ هذه الملكية بأوسع معانيها ، فلا يقتصر تطبيقها على الصناعة والتجارة
بمعناها الحرفى وإنما تطبق كذلك على الصناعات الزراعية والإستخراجية وعلى جميع
المنتجات المصنعة أو الطبيعية مثل الأنبذة والحبوب وأوراق التبغ والفواكه والمواشى
والمعادن والمياه المعدنية والبيرة والزهور والدقيق .
وقد إهتمت دول العالم منذ فترة طويلة بأمر
الملكية الفكرية ، فعقدت الإتفاقيات ، وأنشأت المنظمات الدولية التى تتولى أمر
الملكية الفكرية والإشراف عليها ، وتوجت هذه المجهودات بإنشاء المنظمة العالمية
للملكية الفكرية World Intellectual Property Organization (WIPO )
، وقد تأسست هذه المنظمة بموجب إتفاقية استكهولم الموقعة بتاريخ 14 يوليو 1967م
والمعدلة فى 28 سبتمبر 1979م ، ومن مسئوليات هذه المنظمة الأساسية تعزيز حماية
الملكية الفكرية فى مختلف ارجاء العالم ، والمساهمة فى نشر وإرساء قوانين تحفظ هذه
الملكية ، وتدريب متخصصين فى هذا المجال ، وإنشاء ودعم المؤسسات الرسمية لخدمة
حماية الملكية الفكرية ، بالاضافة إلى المساهمة فى إعداد الإتفاقيات الدولية الخاصة
بالملكية الفكرية ، وقد بلغ عدد الدول الأعضاء فى هذه المنظمة فى عام 1998م 167
بلدا [1].
وقد عرفت ( WIPO ( الملكية الفكرية بأنها[2]
( Intellectual
Property refers to creations of the mind ,inventions literary and aristic works
and symbols names and images used in
commerce intellectual property is divided into two categories :
1/ industrial property : includes
patents for inventions trademark industrial designs and geographical
indications
2/ copyright : includes literary
works such as novels , poems and plays flims musical works , artistic works
such as drawings paintings , photographs and sculptures and architectural
designs , rights related to copyright include those of performing
artists in their performances produsers of phonogram , and those of broadcasters
in their radio and television programs .)
وقد قامت هذه المنظمة بإنشاء شبكة
معلومات ( شبكة الوايبو ) ، وهى شبكة عالمية للمعلومات تهدف إلى تعزيز التعاون
الدولى من خلال إتاحة إمكانية تبادل المعلومات المتعلقة بالملكية الفكرية بين
مكاتب الملكية الفكرية فى الدول الاعضاء ، وكذلك قامت المنظمة بإنشاء اكاديمية
عالمية ، وذلك بغرض تنمية ورفع كفاءة الكوادر البشرية ، وذلك من خلال إقامة
الدورات التدريبية الحديثة ، ويتم تصميم هذه الدورات وفقا لإحتياجات الفئات
المستهدفة بالدورة ، وتشمل أنشطة وبرامج هذه الأكاديمية إستخدام التقنيات الحديثة
فى التدريب ، والتعليم ، وكذلك إنشاء مركز للتعليم عن بعد، مستفيدة فى ذلك من من
شبكة الإنترنت [3]. وتسعى المنظمة من خلال عملها لتحقيق الأهداف
التالية [4]:-
1/
تنسيق التشريعات والإجراءات الوطنية فى مجال الملكية الفكرية .
2/
تقديم الخدمات إستجابة للطلبات الدولية المودعة للحصول على حقوق الملكية الصناعية
3/
تبادل المعلومات فى مجال الملكية الفكرية .
4/
تقديم المساعدة القانونية والتقنية إلى البلدان النامية وغيرها من البلدان .
5/
تسهيل تسوية المنازعات القائمة بين الاطراف الخاصة بالملكية الفكرية .
6/
إستخدام تكنولوجيا المعلومات والإنترنت لتخزين المعلومات القيمة المتعلقة بالملكية
الفكرية والنفاذ إليها والإنتفاع بها .
وتدير الوايبو واحدا وعشرين معاهدة منها :-
- إتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لسنة 1883م .
- إتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية
لسنة 1887م .
- إتفاقية روما بشأن حماية فنانى الأداء ومنتجى
التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة . -
إتفاقية مدريد بشأن قمع مصدر السلع الزائفة والمضللة لسنة 1891م .
- معاهدة قانون العلامات التجارية لسنة 1984م .
- معاهدة الوايبو بشأن حق المؤلف لسنة 1996م .
- إتفاق مدريد ولاهاى بشأن تسجيل العلامات لسنة
1891م .
-
إتفاق نيس بشأن
التصنيف الدولى للسلع والخدمات لأغراض تسجيل العلامات لسنة 1957م .
-
إتفاقية جنيف بشأن
حماية منتجى الفوتوغرامات من إستنساخ فوتوغراماتهم دون تصريح . وإتفاقية نيروبى
بشأن حماية الرمز الأولمبى .
-
معاهدة قانون
البراءات .
ولابد من الإشارة هنا إلى أن منظمة التجارة العالمية world trade
organization (wto) والتى دخلت حيز النفاذ فى عام 1995م تلعب دورا هاما فى حماية الملكية الفكرية وذلك
من خلال إتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية والمعروفة
إختصارا ب ( التربس ) وهى من أكثر
الإتفاقيات شمولا فيما يتعلق بحماية الملكية الفكرية بكافة أنواعها وتمثل تحولا فى
تاريخ الملكية الفكرية لأنها ربطتها بالتجارة الدولية وهى تتضمن الحد الأدنى
لمعايير الحماية للملكية الفكرية وتترك للدول حرية إختيار الطريقة المناسبة
لإدخالها فى تشريعاتها الوطنية[6]
.
وتبدو أهمية حماية الملكية الفكرية واضحة ، فهى تؤدى إلى تشجيع الإبتكار
والإبداع وذلك لأن كل مبنكر ومبدع يعلم سلفا أن ثمار إبتكاره أو إبداعه راجعة إليه
وهى محمية بالقانون ، وهذه الحماية تحافظ على حقوق المبدعين الأدبية والمادية .
وكذلك نجد أن الحماية تؤدى إلى زيادة
التنافس بين المبدعين الأمر الذى يؤدى إلى كثير من الإبداع والإبتكار وبالتالى
المساعدة فى تطور المجتمع ثقافيا وعلميا ، وتؤدى الحماية أيضا إلى حماية
المستهلكين[7]
، فهى تساعدهم على الحصول على السلع والخدمات الجيدة ، وتساعدهم على كشف المزيف
والمقلد منها بسهولة . وأخيرا يمكن الإضافة أن حماية الملكية الفكرية تساعد على
النمو الإقتصادى فى أى بلد لا سيما الملكية الصناعية منها ، وذلك عن طريق
الإختراعات التى تستخدم فى الصناعة ، ثم تمييز السلع والخدمات عن طريق العلامات
التجارية ، لذا نجد أن الدول الكبرى عرفت أهمية الملكية الفكرية مبكرا وأستفادت
منها فائدة كبيرة ، وما التقدم الصناعى والتكنولوجى الذى هى فيه الآن إلا نتاج لها
، ولتنظيمها تم عقد الإتفاقيات الدولية لها وفقا لما ذكرنا سابقا ، وقد نصت إتفاقية ( التربس) المذكورة سابقا فى المادة 7 على " تسهم
حماية وإنفاذ حقوق الملكية الفكرية فى تشجيع روح الإبتكار التكنولوجى ونقل وتعميم
التكنولوجيا ، بما يحقق المنفعة المشتركة لمنتجى المعرفة التكنولوجية ومستخدميها
بالأسلوب الذى يحقق الرفاهية الإجتاعية والإقتصادية والتوازنبين الحقوق والواجبات
" فهذا النص يعد إعترافا صريحا بأهمية الملكية الفكرية ، وأثرها الواضح فى
تحقيق الرفاهية الإجتماعية والإقتصادية . وقد أعطت ذات الإتفاقية فى المادة 8 منها
البلدان الأعضاء عند وضع أو تعديل قوانينها ولوائحها التنظيمية حق وضع التدابير
اللازمة لحماية الصحة العامة والتغذية وخدمة الصلحة العامة فى القطاعات ذات
الأهمية الحيوية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية والتكنولوجية فيها وذلك بشرط
إتساق التدابير المذكورة مع القانون العالمى .
ولقد إهتم الإسلام إهتماما كبيرا بالعلم والإنتاج الفكرى ودعا له وجعل طلب
العلم فريضة[8]
فكان أول مانزل من القرآن الدعوة للقراءة فقد قال الله تعالى ( إقرأ بإسم ربك الذى
خلق )[9]
وقال أيضا ( إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور )[10]
فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يأخذون العلم من الرسول صلى الله عليه وسلم
مباشرة وذلك من أقواله ، أو أفعاله ، أو تقريراته ، وكانوا يتثبتون فيما ينقله
الرواة حتى ولو كانوا من الصحابة ، وقد قيل أن أول من إستن سنة التحوط فى نقل
الأخبار بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة هو خليفة المسلمين الأول
أبوبكر الصديق رضى الله عنه وذلك بقوله " إن هذا العلم دين فأنظروا ممن
تأخذوا دينكم "[11]
وقد ظهر مما تقدم إهتمام المسلمون بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك
من خلال الإهتمام بالإسناد حتى اصبح علما له قواعده ، وذلك ضمانا لحفظ سنة الرسول
صلى الله عليه وسلم من كل دس أو وضع أو كذب .
وفى السودان نجد أن الإهتمام بالملكية الفكرية كان واضحا فقد تم تشريع عدد
من القوانين لحماية الملكية الفكرية نذكر منها ما يلى :
1 / قانون العلامات التجارية لسنة 1969
.
2 / قانون براءات الإختراع لسنة 1971 .
3/ قانون النماذج الصناعية لسنة 1974 .
4 / قانون حماية حق المؤلف والحقوق
المجاورة وتسجيل المصنفات الأدبية والفنية لسنة 2013 .
والجهات التى تقوم على حماية الملكية الفكرية فى السودان هى :
أولا :- إدارة الملكية الفكرية بوزارة العدل
:- تقوم هذه الإدارة بأعباء تسجيل الملكية
الصناعية من براءات إختراع وعلامات تجارية ونماذج صناعية ، وقد كانت جزءا من إدارة
التسجيلات التجارية إلى أن تم فصلها منها سنة 2002م ، ويرأسها مستشار قانون بدرجة
مستشار عام ، وهى تتكون من عدة شعب : شعبة
العلامات التجارية ، شعبة براءات الإختراع ، شعبة النماذج الصناعية ، وكل شعبة
يرأسها مستشار قانون ومعه كادر مؤهل من الموظفين .
ثانيا :- مجلس تسجيل المصنفات الأدبية والفنية ويقوم المجلس بتسجيل حقوق الملكية الأدبية
والفنية والحقوق المجاورة من كتب / أشعار / ألحان / موسيقى ....الخ
ثالثا :- النيابة التجارية
: وهى مختصة بالتحرى فى الإجراءات
والدعاوى الجنائية التى يكون محلها حق ملكية فكرية بمختلف أنواعه .
رابعا :- محكمة الملكية الفكرية : وهى محكمة متخصصة
فى نظر نزاعات الملكية الفكرية بمختلف أنواعها .
خامسا: شرطة الجمارك : وتقوم هذه الشرطة
بدور مهم فى حماية الملكية الفكرية ، وذلك بمنع التهريب للسلع تصديرا وإستيرادا .
(3) حق
المؤلف والحقوق المجاورة ، دراسة مقارنة ، د.جلال الدين بانقا أحمد ، مكتبة النهضة
المصرية القاهرة ، ص 2/3.
[1] / معجم الملكية الفكرية –
طلال ابو غزالة – مرجع سابق – ص 104
[3] / أحكام الملكية
الفكرية - د حاج آدم حسن الطاهر – ص 92/
93 / 94
[4] / المرجع السابق – ص
95
[5] / المرجع السابق – ص 95 /
96 //
الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة والعلامات التجارية فى
القانون السودانى – القاضى سوسن سعيد شندى – مطبعة الشريف الأكاديمية ط1 2006م
ص 14
[6] - المعايير الدولية لإنفاذ
حقوق الملكية الفكرية وفقا لإتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية
الفكرية – د. أمانى أحمد عبدالله موسى – مجلة العدل العدد 44 – المكتب الفنى
لوزارة العدل – السودان – الخرطوم – ص
124/125
[7] - المرجع السابق – ص 11 /
12
[8] - أحكام الملكية الفكرية –
د. حاج آدم حسن الطاهر – مرجع سابق – ص 8
[9] - سورة العلق الآية 1
[10] - سورة فاطر الآية 28
[11] - حق المؤلف والحقوق
المجاورة – د. جلال الدين بانقا أحمد – ص 10
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق