بسم الله الرحمن الرحيم
النيابة العامة وحماية وتعزيز حقوق
الإنسان في السودان
د نصرالدين ابوشيبة
من الاهداف
المرجو تحقيقها من فصل النيابة العامة من وزارة العدل تعزيز وحماية حقوق
الإنسان وذلك تمشيا مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي كرم الانسان ، والمواثيق
والعهود الدولية ذات الصلة ، فقد جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فيالمادة (1) منه على
" يولد جميع الناس أحراراً
ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا
بعضهم بعضاً بروح الإخاء " وجاء في المادة (2) " لكلِّ إنسان
حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من
أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو
الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة،
أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ علي أساس الوضع
السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان
مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ
قيد آخر على سيادته ". وجاء في المادة ( 3 ) " لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة
والحرِّية وفي الأمان على شخصه ". وكذلك نصت المادة ( 4 ) " لا
يجوز إسترقاقُ أحد ، أو إستعبادُه، ويُحظر الرق والإتجار بالرقيق بجميع صورهما
" ، وجاء في المادة (5) لا يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب ، ولا للمعاملة أو
العقوبة القاسية ، أو اللاإنسانية ، أو الحاطَّة بالكرامة. ونصت المادة ( 6)
" لكلِّ إنسان، في كلِّ مكان، الحقُّ بأن يُعترَف له بالشخصية القانونية
". وكذلك نص في المادة ( 7 ) " الناسُ جميعًا سواءٌ أمام القانون، وهم
يتساوون في حقِّ التمتُّع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حقِّ التمتُّع
بالحماية من أيِّ تمييز ينتهك هذا الإعلانَ ومن أيِّ تحريض على مثل هذا التمييز
". كما نصت المادة ( 9 ) " لا يجوز إعتقالُ أيِّ إنسان ، أو حجزُه ، أو
نفيُه تعسُّفًا ". كما نصت المادة ( 10 )
" لكلِّ إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحقُّ في أن
تَنظر قضيتَه محكمةٌ مستقلَّةٌ ومحايدةٌ، نظرًا مُنصفًا وعلنيًّا، للفصل في حقوقه
وإلتزاماته ، وفى أيَّة تهمة جزائية تُوجَّه إليه " وجاء في المادة ( 11 )
( 1 ) كلُّ شخص متَّهم بجريمة يُعتبَر
بريئًا إلى أن يثبت ارتكابُه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وُفِّرت له فيها
جميعُ الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.
( 2 ) لا يُدان أيُّ شخص بجريمة بسبب أيِّ عمل ، أو امتناع عن عمل ، لم يكن في حينه يشكِّل جُرمًا بمقتضى القانون الوطني ، أو الدولي، كما لا تُوقَع عليه أيَّةُ عقوبة أشدَّ من تلك التي كانت ساريةً في الوقت الذي ارتُكب فيه الفعل الجُرمي.
( 2 ) لا يُدان أيُّ شخص بجريمة بسبب أيِّ عمل ، أو امتناع عن عمل ، لم يكن في حينه يشكِّل جُرمًا بمقتضى القانون الوطني ، أو الدولي، كما لا تُوقَع عليه أيَّةُ عقوبة أشدَّ من تلك التي كانت ساريةً في الوقت الذي ارتُكب فيه الفعل الجُرمي.
واتساقا مع ما جاء في وثيقة الحقوق المدرجة في
دستور السودان لسنة 2005 ، وكذلك اتساقا مع المبادئ والمعايير الدولية والإقليمية
ذات الصلة بالنيابة العامة والتي دعت لحماية حقوق الانسان مثل المبادئ
التوجيهية المتعلقة بأعضاء النيابة العامة التي إعتمدها مؤتمر الامم المتحدة
الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي إنعقد في هافانا بكوبا في الفترة 27
أغسطس وحتى 7 سبتمبر 1990
وتوصية المجلس
الأوربي رقم 19/2000 الخاصة باللجنة الوزارية للدول الأعضاء بشأن دور النيابة العامة
في نظام العدالة الجنائية والمعايير
الأفريقية المتعلقة بإستقلال القضاة ، والمحامين ، وأعضاء النيابة العامة
ومعايير المسئولية المهنية وضمان
الواجبات والحقوق الأساسية الخاصة بأعضاء النيابة العامة الصادرة من الإتحاد
الدولي لأعضاء النيابة العامة .
وقد
نص دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005 في الباب الثاني على وثيقة الحقوق
ماهية
وثيقة الحقوق فقد نصت المادة ( 27 ) منه
على تكون وثيقة الحقوق عهد ا بين كافة أهل السودان، وبينهم وبين حكوماتهم على كل
مستوى،
والتزام من جانبهم بأن يحترموا حقوق الإنسان والحريات الأساسية المضمنة في هذا
الدستور
وأن يعملوا على ترقيتها؛ وتعتبر حجر الأساس للعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية في السودان.
وقد الزمت المادة المذكورة الدولة بحماية هذه الوثيقة وتعززها وتضمنها وتنفذها
، وأعتبرت كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جز ء لا يتجزأ من هذه الوثيقة.
ووفقا لذات المادة
المذكورة سابقا تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة فى هذه الوثيقة ولا تصادرها أو تنتقص منها. (
وقد
حدد الستور المذكور عددا من الحقوق ذات العلاقة بالعدالة الجنائية هي :
1 / الحياة والكرامة الإنسانية ، فقد نصت المادة 28 على
أن
لكل إنسان حق أصيل في الحياة والكرامة والسلامة الشخصية, ويحمي القانون هذا الحق، ولا يجوز حرمان أي إنسان من الحياة تعسف .
2 / الحرية الشخصية : نصت المادة 29 على أن لكل شخص الحق في الحرية والأمان، ولا يجوز إخضاع أحد للقبض أو الحبس، ولا يجوز
حرمانه
من حريته أو تقييدها إلا لأسباب ووفق ا لإجراءات يحددها القانون.
3 / المساواة أمام القانون : نصت المادة 31 على أن الناس سواسية أمام القانون, ولهم الحق في التمتع بحماية القانون دون تمييز بينهم بسبب
العنصر
أو اللون أو الجنس أو الُلغة أو العقيدة الدينية أو الرأي السياسي أو الأصل العرقي.
4 / الحُرمة من التعذيب : نصت المادة على انه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو معاملته على نحوٍ قاسٍ أو لا إنساني أو مُهين.
المحاكمة
العادلة :نصت المادة 34 على الآتي :
أ
- المتهم
برئ حتى تثبت إدانته وفق ا للقانون.
ب - يُخطر أي شخص عند القبض عليه بأسباب القبض ويُبلغ دون تأخير بالتهمة الموجهة ضده.
ج - يكون لأي شخص, تُتخذ ضده إجراءات مدنية أو جنائية, الحق في سماع عادل وعلني أمام
محكمة عادية مختصة وفق ا للإجراءات التي يحددها القانون
د
- لا
يجوز توجيه الاتهام ضد أي شخص بسبب فعل أو امتناع عن فعل ما لم يشكل ذلك الفعل (
أو الامتناع جريمة عند وقوعه.
ه
- يكون
لكل شخص الحق في أن يُحاكم حضوري بدون إبطاء غير مبرر في أي تُهمة جنائية,
وينظم القانون المحاكمة الغيابية.
و - يكون للمتهم الحق في الدفاع عن نفسه شخصي ا أو بوساطة محامٍ يختاره، وله الحق في أن
توفر له الدولة المساعدة القانونية عندما يكون غير قادرٍ على الدفاع عن نفسه في الجرائم بالغة
الخطورة
مهام واختصاصت النيابة العامة وسلطاتها :-
حددت
المادة ( 11 ) من قانون النيابة العامة لسنة 2017 وهي تتمثل في الآتي :
1. تمثيل الدولة والمجتمع في الإدعاء العام
والتقاضي في المسائل الجنائية .
2. الإشراف على إجراءات ما قبل المحاكمة وأخذ العلم
بأي جريمة والتحري فيها .
3. الأشراف على سير الدعوى الجنائية والتحري وتولي
إجراءات التحقيق فيها وإتخاذ جميع الإجراءات والتدابير المتعلقة بها وفقا لأحكام
القانون .
4. تولي النظر والتحري والإشراف على التحري والعمل
بالتنسيق مع الأجهزة الأخرى على مكافحة الفساد والثراء الحرام والمشبوه وغسل الأموال
وتمويل الإرهاب وجرائم المخدرات وحماية الأطفال وجرائم الإتجار بالبشر وكافة
الجرائم عبر الوطنية .
5. الإشراف على إجراءات الأجهزة العدلية المساعدة .
6. حماية المصلحة العامة ، والتصرف
بموضوعية وبالمراعاة الواجبة لموقف أطراف الدعوى الجنائية والإهتمام بكافة الظروف
ذات الصلة سواء كانت لصالح المتهم أو ضده .
7. العمل على تعزيز التعاون الدولي للنيابة العامة
مع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة بأعمال النيابة العامة .
8. إبداء الرأي حول القوانين والإتفاقيات الإقليمية
والدولية ذات الصلة والتوصية بشأنها .
9. بسط سيادة حكم القانون وتوفير العدالة الناجزة ي
النظام العدلي .
10. أي إختصاصات أو سلطات أخرى مخولة لها بموجب
أحكام أي قانون آخر .
المبادئ التي يجب
مراعاتها عند تطبيق قانون االنيابة العامة
يجب أن تراعى عند
تطبيق أحكام هذا القانون المبادئ الآتية :
(أ) أن يكون الأشخاص
الذين يختارون لشغل وظائف النيابة العامة من ذوي النزاهة والمقدرة والحاصلين على
المؤهلات العلميةاللازمة لشغل تلك الوظائف،
(ب) تضمن الدولة أن يتم اختيار أعضاء النيابة
العامة دون تحيز أو محاباة أو تمييز ضد الأشخاص يستند إلى العنصر أو اللون أو
الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي، أو الأصل العرقي أو أي وضع آخر،
(ج) ينبغي لأعضاء النيابة العامة، بوصفهم أطرافا
أساسيين في مجال إقامة العدل، الحفاظ دوماً على شرف مهنتهم وكرامتها،
(د) يمتنع أعضاء النيابة العامة عن مزاولة أي عمل
يتعارض مع مقتضيات عملهم،
(ه) يؤدى أعضاء النيابة العامة دوراً فعالاً في
الإجراءات الجنائية، والاضطلاعبالتحقيق في الجرائم والإشراف على قانونية التحرياتوالتحقيقات،
والإشراف على المنتظرين قيد التحري والتحقيق بالسجون،وممارسة مهامهم الأخرى
باعتبارهم ممثلين للصالح العام،
(و) يؤدي أعضاء النيابة العامة واجباتهم وفقا
للقانون ، بإنصاف واتساق، واحترام كرامة الإنسان وحمايةومساندة حقوق الإنسان،
(ز) أعضاء النيابة العامة ملتزمون بأداء وظائفهم
دون تحيز، واجتناب جميع أنواع التمييز السياسي أو الاجتماعي أو الديني أو العرقي
أو الثقافي أو الجنسي أو أي نوع آخر من أنواع التمييز،
(ح) يولى أعضاء النيابة العامة الاهتمام الواجب بعدم
حفظ الدعاوي المتصلة بالجرائم التي يرتكبها موظفون عموميون، ولاسيما ما يتعلق منها
بالفساد، وإساءة استعمال السلطة، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وغير ذلك من
الجرائم التي ينص عليها القانون الدولي.
استقلال
النيابة العامة وأعضائها : أحد ضمانات قيام النيابة بواجبها في حماية حقوق
الإنسان هو إستقلالها وقد أكدت المادة "9" من قانون النيابة العامة حيث
نصت على الآتي :
1/ تكون النيابة
العامة مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ولها الإستقلال الإداري والمالي
اللازم .
2 / أعضاء النيابة
العامة مستقلون في آداء واجباتهم ولا يجوز التأثير عليهم ولا سلطان عليهم في ذلك
لغير القانون .
وإستقلال
النيابة النيابة لايعني فقط عدم تبعيتها للجهاز التنفيذي أو
التشريعي بل يعني أن تصدر القرارات من أعضائهابصورة حيادية ، غير متأثرة بمصلحة
خاصة ، أو مصلحة سياسية ، فيجب أن تكون مرجعية عضو النيابة في أداء واجبه هي
القانون فقط ، وأن يكون لها الإستقلال الإداري والمالي اللازم ، بمعنى أن تنفرد
النيابة العامة بإدارة شئونها الداخلية والخارجية دونما رقابة من أي سلطة أخرى في
الدولة ويجب أن يمثل عضو النيابة العامة معني الإستقلال الفردي والمؤسسي للنيابة
العامة . ولا بد من الأخذ في الإعتبار أن إستقلال النيابة العامة لا يعني الإنفصال
عن الدولة ، وهو يهدف بالأساس إلى حماية حقوق الأفراد والجماعات ومكتسبات الدولة ،
ومكافحة الجريمة والمجرمين ، والسعى إلى تحقيق العدالة .
ولا
بد من الإشارة كذلك إلى أن إستقلال النيابة العامة لا يعني أن تعمل بمنأى عن
المحاسبة والمساءلة ، فهي تتمتع بنظام محاسبة ومساءلة خاص يتفق مع متطلبات
الإستقلالية ، كما انها مسئولة لدى رئيس الجمهورية عن أدائها ، وكذلك لا تعني
الإستقلالية عدم التعاون مع باقي السلطات في الدولة ، أو حتى مؤسسات المجتمع
الأخرى ، فهي في الأصل سلطة من سلطات الدولة ، ومن الواجب عليها التعاون من أجل
إيجاد نظام عدالة جنائية فعال يحقق العدالة في البلاد .
مظاهر إستقلال النيابة العامة :
أ
– الإستقلال عن السلطة التشريعية والسلطة
التنفيذية ، ويمكن ان نصف ذلك بالإستقلال
المؤسسي ، فالنيابة العامة مؤسسة قائمة بذاتها ، مستقلة عن غيرها من المؤسسات في
الدولة ، وهذا الامر يستوجب ان تكون النيابة العامة مستقلة إداريا ، وماليا بالقدر
اللزم للقيام بواجباتها .
ب
– إستقلال أعضاء النيابة العامة في آداء واجبهم ، فلا سلطان عليهم في ذلك إلا
للقانون وعليه يجب عليهم أداء واجباتهم بصدق وتجرد وأن تصدر منهم القرارات مستندة
إلى القانون فقط وليس لاي إعتبار آخر ، ويترتب على ذلك شعور عضو النيابة العامة
بانه محصن من العزل ولا يجوز فصله إلا وفقا لما نص عليه القانون[1]
، وبالتالي يؤدي عمله دون خوف
ج
– قدرة أعضاء النيابة العامة على أداء وظائفهم المهنية بدون تخويف إو تعويق أو
مضايقة أو تدخل أو تعريضهم دون مبرر للمسئولية المدنية أو الجنائية أو غير ذلك من
المسئوليات .
د
– كفالة الدولة تحقيق حياة كريمة لأعضاء النيابة العامة .
ه
– ان تكون ترقيات أعضاء النيابة العامة وفقا لإجراءات منصفة ونزيهة قائمة على أسس
موضوعية وعلى وجه الخصوص القدرة والنزاهة ومدة الخدمة ( الخبرة)
وقد
نص قانون النيابة العامة لسنة 2017 على المبادئ المذكورة سابقا وهي مستمدة من
المبادئ التوجيهية المتعلقة بأعضاء النيابة العامة التي إعتمدها مؤتمر الامم
المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي إنعقد في هافانا بكوبا في
الفترة 27 أغسطس وحتى 7 سبتمبر 1990 .
ولا
بد من الأخذ في الإعتبار أن النيابة العامة ينبغي أن تكون لها وسائل وآليات تضمن
من خلالها عدم إساءة إستخدام أعضاء النيابة العامة لميزة إستقلال النيابة ،
وبالإطلاع على قانون النيابة العامة نجد أنه وضع الأساس لهذه الوسائل ومنها مايلي
:
أولا
: الإلتزام بتطبيق القانون : يشكل الإلتزام
بتطبيق أحكام القانون من جانب أعضاء النيابة العامة ضمانة حقيقية لعدم إساءة
إستخدام السلطة الممنوحة لهم ، وحيث إن القانون هو الذي نص على إستقلال النيابة
العامة لذا فإن التمسك به يعد ضامنا لهذه الإستقلالية .
ثانيا:
المجلس الاعلي للنيابة العامة : فمن سلطات هذا
المجلس الواردة في المادة ( 5 ) من القانون وضع السياسة العامة والشئون العامة
لسلطة النيابة العامة ، وحماية إستقلال أعضاء النيابة العامة ، وكذلك إجازة
التقرير السنوي عن أوضاع النيابة العامة وسياسة التعيين ومعايير التقييم المتبعة
وأنواع أي جزاءات إدارية تم فرضها وعددها ومع بيان ما يتم تنفيذه من خطط وبرامج
لتحسين الأداء وزيادة الفعالية وتعزيز النزاهة والشفافية ، وكذلك دراسة أي تقارير
مرفوعة إلى المجلس عن سير العمل في النيابات العامة وإتخاذ القرارات اللازمة
بشأنها وفق أحكام القانون ، فكل ما ذكر
يجعل المجلس المذكور واحدة من ضمانات المحافظة على إستفلال النيابة العامة ومنع
إساءة إستخدام هذه الإستقلالية حتى من أعضاء النيابة العامة أنفسهم وذلك بوضع
السياسة العامة التي تحقق هذا الهدف .
ثالثا
: وجود نظام فعال لنظر الشكوى ضد أعضاء النيابة العامة ومحاسبتهم :
وذلك حسبما ورد في المواد
49 إلى 52 فقد جاء في المادة 49 :
( 1 ) تقدم الشكوى ضد أعضاء النيابة العامة إلى النائب العام
مباشرة أو إلى رئيس النيابة العامة بالولاية .
( 2 ) يجوز للنائب العام ان يحيل الشكوى التي تقدم إليه أو إلى
رئيس النيابة العامة ضد عضو النيابة ، لمن يختاره من وكلاء النيابة الأعلى درجة من
وكيل النيابة المقدمة ضده الشكوى ، وذلك لإجراء التحقيق اللازم فيها ورفع تقريره
وتوصياته بشأنها للنائب العام .
(
3 ) إذا تبين من التحقيق المنصوص عليه في البند ( 2 ) وجود ما يستدعي تنبيه وكيل
النيابة المعني أو محاسبته ، فيتخذ النائب العام حياله ما يراه مناسبا وفقا لأحكام
القانون .
ونصت المادة ( 50 ) من ذات القانون على :
(
1 ) يقدم للمحاسبة كل وكيل نيابة يخل بواجبات وظيفته أو بشرف مهنته أو يسلك ، سواء
بفعل أو إمتناع ، سلوكا يحط من قدره ، أو لا يليق بمركزه الرسمي ، أو يتغيب عن
الخدمة ، أو يتركها ، أو يحكم بإدانته في جريمة تمس الشرف أو الأمانة ، أو يخالف
لائحة سلوك أعضاء النيابة العامة الصادرة بمةجب أحكام هذا القانون .
(
2 ) تحدد اللوائح الإجراءات الواجب إتباعها في شأن محاسبة أي عضو نيابة عامة ، بما
في ذلك تشكيل مجالس المحاسبة وأنواعها وإختصاصاتها وسلطاتها .
(
3 ) يجب على مجلس المحاسبة أن يتيح لعضو النيابة العامة المراد محاسبته الفرصة
للدفاع عن نفسه .
وكذلك
نصت المادة 51 على التحقيق حيث جاء فيها : لا يجوز محاسبة عضو النيابة العامة إلا
بعد إجراء تحقيق مكتوب ، وفقا لما تحدده اللوائح . وحددت النادة 52 الجزاءات التي
يجوز لمجلس المحاسبة أن يوقعها عند إدانة أي عضو نيابة عامة وهذه الجزاءات هي :
(
أ ) التنبيه .
(
ب ) الإنذار .
(ج
) الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز ثلاثين يوما .
(
د ) الحرمان من الترقية لمدة لا نجاوز سنتين من التاريخ الذي يحدده المجلس .
(
ه ) الفصل ، على أن يكون وجوبيا في حالة إدانة عضو النيابة العامة في جريمة مخلة
بالشرف والأمانة .
رابعا
: نظام الإستئناف :هذا النظام يقوم على
جواز إستئناف القرارات والأوامر التي تصدر من أعضاء النيابة العامة في الدعوى
الجنائية ، وبالتالي يمكن للجهات الأعلى في النيابة العامة من مراقبة القرارات
التي تصدر من الدرجة الأدني وذلك من خلال كفالة حق الإستئناف لأطراف الدعوي
الجنائية ، بل منح قانون الإجراءات الجنائية في المادة ( 55 /3 ) منه النائب العام
وأي عضو نيابة عامة أعلى بالنيابة أن يطلب في أي وقت أثناء التحري وضع المحضر
أمامه وأن يصدر أي توجيهات بشأنه ، وكذلك نجد أن المادة ( 21 ) من القانون المذكور
سابقا قد نصت على الأتي :
1-
يرفع عضو
" وكيل " النيابة قراره بشطب الدعوى الجنائية إلى رئيسه المباشر، فإذا
أيده يرفع لرئيس النيابة العامة بالولاية .
2-
يستأنف قرار
عضو " وكيل " النيابة برفض فتح الدعوى الجنائية ، أو برفض توجيه التهمة
وقراره بتوجيه التهمة ، أو بالضبط المقيد للحرية في النفس ، أو المال لرئيسه
المباشر .
3-
يستأنف القرار
النهائي لوكالة النيابة المتعلق بحجز الأموال لقاضي محكمة الإستئناف
ولا بد من الإشارة إلى أن لائحة لتنظم عمل
وكالات النيابة لسنة 1998 قد نظمت إجراءات إستئناف القرارات والأوامر الصادرة من النيابة العامة ، وقد تم مؤخرا بعد فصل
النيابة العامة من وزارة العدل وذلك لإستيعاب هذا المتغير الجديد ، وكان ذلك في
عام 2017 ، ويمكن الإطلاع على هذه اللائحة في الملحق المرفق في أخر هذا الكتاب .ولا شك أن قابلية قرارات
أعضاء النيابة العامة للإستئناف يشكل ضمانة قوية لعدم إنحرافها عن صحيح القانون .
خامسا : حظر
مزاولة أي أعمال لا تتفق مع إستقلال النيابة
: وقد تم النص على هذه الضمانة في المادة 48 / ب من قانون النيابة العامة لسنة
2017 .
سادسا :التبعية
الإدارية : ذكرنا سابقا أن من خصائص النيابة
العامة التبعية الإدارية ، وهذه التبعية تشكل أيضا أحد ضمانات عدم إساءة إستخدام
سلطة النيابة المستقلة ، وذلك لأن عضو النيابة العامة يعلم أن هناك جهة إدارية
أعلى داخل الهيكل الوظيفي للنيابة العامة مسئولة منه إداريا ، وهذا الجهة يمكن أن
تتدخل عند إنحرافه عن الضوابط القانونية التي يجب عليه الإلتزام بها أثناء قيامه
بواجباته الوظيفية .
وقد تجلى إهتمام النبابة العامة في السودان
والعناية بها بأن خصت لها إدارة من إداراتها تسمى إدارة التعاون الدولي وحقوق
الإنسان ، وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها بواسطة النيابة العامة تتم عبر عدة محاور
نذكر منها ما يلي :
المحور
الأول : المحور القانوني :
أولا
: الإشراف على سير الدعوى الجنائية ، ويكون ذلك بإنصاف وإتساق وإحترام كرامة
الإنسان وحماية ومساندة حقوق الإنسان ، ودون تحيز لطرف على حساب طرف آخر في الدعوى
الجنائية
ثانيا
: المرور اليومي على الحراسات ، وذلك
للتأكد من سلامة إجراءات القبض على المتهمين ومعاملتهم وفقا لأحكام القانون .( م
81 إجراءات جنائية لسنة 1991 )
ثالثا
: تفقد حراسات المعتقلين بصفة مستمرة
للنأكد من مراعاة ضوابط الإعتقال وإستلام أي شكوى من معتقلين بهذا الشأن وفقا
لماجاء بالمادة 51 /8 من قانون الامن الوطني لسنة 2010، وهذا الإختصاص حصري على
عضو النيابة الذي يحدده النائب العام .
رابعا
: وفقا لقانون تنظيم السجون ومعاملة
النزلاء لسنة 2010 لأعضاء النيابة
العامة حق
زيارة
السجن كزوار رسميين ويحق لهم القيام بالآتي :
أ
/ الإطلاع على دفاتر ومستندات السجن والمحررات المتعلقة بالنزلاء .
ب
/ زيارة وحدات السجن وهقابلة النزلاء .
ج
/ تفتيش وتزوق طعام النزلاء والتأكد من إستلام النزلاء للكميات المقررة لهم من
الطعام .
د
/ التأكد من أن القوانين المختصة والأوامر الصادرة مطبقة تطبيقا سليما .
ه
/ تدوين ملاحظاتهم بدفتر زيارة السجن وكتابة تقرير عن نتائج زيارتهم لمدير السجن .
خامسا :
لأعضاء النيابة العامة وفقا لقانون
الطفل لسنة لسنة 2010 سلطة القيام بالآتي :
1-
الإستعانة
بالخبراء في علم النفس ، وعلم الإجتماع للمساعدة في أي تحريات تجريها سواء كان
الخبراء يتبعون لجهات رسمية أو طوعية . ( م 60 / 4 ) .
2-
إجراء
التحري في قضايا الأطفال الجانحين أو الضحايا . ( م 60 / 5 ) .
3-
الإشراف
على التحريات في قضايا الأطفال وتوجيه التحري فيها ( م 61 / أ)
4-
الإشراف
على سير الدعوى الجنائية ( م 61 /ب )
5-
توجيه
التهمة في الجرائم التي ترتكب ضد الأطفال
أو بواسطتهم. ( م 61 / ج )
6-
مباشرة
الإدعاء أمام محاكم الأطفال ( م 61 / د )
7-
إحالة
القضايا إلى أي جهة مختصة تراها مناسبة لإتخاذ ماتراه مناسبا .( 61 / 2 )
سادسا :
استنادا لقانون حماية البيئة لسنة 2001 يجوز لأعضاء النيابة العامة منح الإذن
للجهات المختصة لدخول وتفتيش أي منشأة أو
مشروع ، أو مكان ، أو خلاقه وذلك لضبط ، أو وقف ، أو منع المخالفات لأحكام هذا
القانون ( م 25 ) .
سابعا : استنادا
لقانون الصحة العامة القومي لسنة 2008 يكون لأعضاء النيابة العامة السلطات الآتية
:
1-
إصادر
أمر تفتيش للسلطات الصحية المختصة من أجل أن تدخل ، أو أن تأمر من تعينه بالدخول
وتفتيش أي مبنى ، أو مكان ، أو عربة ، أو سفينة ، أو طائرة متى كان لديه إعتقاد ،
أو إشتباه معقول بأن شخصا مصابا بمرض معد قد
إختفى ، أو أخفي في ذلك المكان .( م 14 ) ,
2-
إصدار
الأمر بنبش القبر وذلك لأغراض الطب الشرعي ، أو لأي من الأسباب التي يراها مناسبة
( م 33 / 1 ) .
والسلطات المذكورة في الفقرة السابقة تحمي حق
الإتسان في الصحة ، وحقه في تحقيق العدالة
ومعرفة السبب الحقيقي للوفاة .
المحور
الثاني :
الإنتشار الأفقي للنيابات العامة في كل محليات السودان مما أدى لسهولة الوصول
للعدالة لطالبيها من المواطنين والمقيمين بالسودان دون تمييز أو تحيز .
المحور الثالث
: المناوبات : تتبع النيابة العامة نظام المناوبات بعد إنتهاء يوم العمل الرسمي
مما أدي لتوفير خدمة العدالة ، وأصبحت النيابة تعمل بموجبه على مدار الأربعة
وعشرين ساعة .
[1] - نصت المادة 46
من قانون النيابة العامة لسنة 2017 على
الآتي : ( 1 ) دون المساس بأحكام المواد 26 ( 1 ) ( ب ) ( ثانيا ) لا يجوز
عزل عضو النيابة العامة .
( 2 ) لا يجوز فصل أعضاء النيابة العامة إلا
بموجب قرار من مجلس محاسبة بعد تأييده من رئيس الجمهورية .