العلامة
التجارية المشهورة:
العلامة
التجارية المشهورة هي العلامة التي تتمتع
بمعرفة واسعة بين جمهور المستهلكين وبسمعة ودعاية على مستوى العالم ولها قيمة
مالية في السوق وهى تشمل السلع والخدمات(1)
ومن أمثلتها كوكاكولا وليبتون ومالبورو وVISA و CNN والجزيرة وغير ذلك من العلامات وشهرة
العلامة تمنح العلامة قوة وتنبع هذه القوة من صعوبة التقليد أو التعدي على علامة
مشهورة ومعروفة لدى الجمهور والسلطات المختصة بحيث يمكن إثبات التقليد أو التعدي
عليها بسهولة ويسر(2)، ولعل من الانجازات
الرئيسية للشركات متعدية الجنسيات في مفاوضات التربس هو إدخال نصوص في الاتفاقية
المذكورة خاصة بحماية العلامات التجارية المشهورة والتى يجب أن تمنح الحماية حتى لو أصبحت معروفة على أساس ذيوع الصيت وليس الاستخدام
الفعال في بلد ما(3) ، وقد كانت حماية
العلامة التجارية المشهورة محل خلاف بين الدول المتقدمة والدول النامية حيث تعتبر
الدول الأولى أن الحدود الجغرافية والسياسية بين الدول ليس لها أي أثر في
المعاملات التجارية بين الدول وعلى هذا الأساس يجب أن تتمتع العلامة التجارية
المشهورة بالحماية حتى ولو لم يتم تسجيلها أو تستعمل في البلد المطلوب منها توفير
الحماية وفي ذات الوقت نجد أن الدول النامية ترى أن من حقوقها التي تستند على
مفهوم السيادة ضرورة ربط توفير الحماية للعلامة التجارية المشهورة على أساس
الاستخدام الفعلي على إقليمها أو بموجب تسجيلها وفقاً لقانونها الوطني(1).
وتستند الحماية الدولية للعلامة التجارية
المشهورة إلى المادة 6/2 من معاهدة باريس لحماية الملكية الصناعية حيث جاء فيها
بأن تتعهد دول الإتحاد سواء من تلقاء نفسها إذا أجاز تشريعها ذلك أو بناء على طلب
صاحب الشأن برفض أو إبطال التسجيل ومنع استعمال العلامة الصناعية أو التجارية التي
تشكل نسخاً أو تقليداً أو ترجمة يكون من شأنها إيجاد لبس بعلامة ترى السلطة
المختصة في الدولة التي تم فيها التسجيل أو الاستعمال أنها مشهورة باعتبارها فعلاً
العلامة الخاصة بشخص يتمتع بمزايا هذه الاتفاقية ومستعملة على منتجات مماثلة أو
مشابهة ، وكذلك تسري هذه الأحكام إذا كان لجزء الجوهري من العلامة يكل نسخاً لتلك
العلامة المشهورة أو تقليداً لها من شأنه إيجاد لبس بها. وقد جاء في المادة 6/2/3
من إتفاقية التربس أن أحكام المادة 6 مكرر من معاهدة باريس لسنة 1967م تطبق مع
مايلزم من تبديل على الخدمات وعند تقرير ما إذا كانت العلامة التجارية معروفة
جيداً تراعي البلدان الأعضاء مدى معرفة العلامة التجارية في قطاع الجمهور المعني
بما في ذلك معرفتها في البلد العضو المعني نتيجة ترويج العلامة وكذلك تطبيق أحكام
المادة 6 مكرر من معاهدة باريس 1967م مع ما يلزم من تبديل على السلع أو الخدمات
غير المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها علامة تجارية شريطة أن يدل إستخدام تلك
العلامة التجارية بالنسبة لتلك السلع أو الخدمات على صلة بين تلك السلع أو الخدمات
وصاحب العلامة التجارية المسجلة شريطة احتمال أن تضرر مصالح صاحب العلامة التجارية
المسجلة من جراء ذلك الاستخدام.
معايير
شهرة العلامة التجارية:
معلوم أن الحماية القانونية للعلامة التجارية
المشهورة تقوم على مدى شهرة هذه العلامة وسعياً لإيجاد معيار موحد لمعرفة ما إذا
كانت العلامة مشهورة أم لا عقدت الجمعية العامة لإتحاد باريس لحماية الملكية
الصناعية الجمعية العامة للمنظمة العالمية للملكية للفكرية (الوايبو) في سبتمبر
1999م دورة مشتركة تم خلالها وضع توصية تتعلق بالعلامة التجارية
المشهورة حددت فيها عدد من الموجهات والمعايير التي يمكن للدول الأعضاء في إتحاذ
باريس الإسترشاد بها في تحديد متى تكون العلامة مشهورة وكذلك أوضحت معنى
القطاع المعني من الجمهور وقد نصت هذه
التوصية أنه يجب على من يرغب في إثبات أن علامته مشهورة أن يوفر للسلطات المختصة
المعلومات التي تؤيد صحة ما يدعيه غير أنه لا يجوز للسلطات المختصة إجبار صاحب
العلامة على تقديم معلومات معينة بحيث يؤدي إمتناعه عن تقديم تلك المعلومات إلى
إستنتاج أن العلامة ليست مشهورة والعوامل
التي يمكن للسلطات المختصة أن تستخلص منها أن العلامة مشهورة هي(1):
1/
مدى شهرة العلامة أو معرفتها لدى قطاع الجمهور المعني ويمكن معرفة ذلك عن طريق
الدراسات الاستقصائية للأنماط الاستهلاكية واستطلاع آراء المستهلكين.
2/
مدى استعمال العلامة في أي وجه من وجوه الاستعمال ومجالات ونطاقها الجغرافي.
3/
مدة الدعاية والترويج للعلامة بأى وجه من الوجود ودرجة نجاح حملات الدعاية
والاعلان ونطاقها الجغرافي وعرض المنتجات التي تميزها العلامة في الأسواق والمعارض
الداخلية الدولية وكمية المنتجات المطروحة في الأسواق وحجم المبيعات.
4/
عدد البلدان التي سجلت بها العلامة أو طلبات التسجيل ونطاقها الجغرافي والمدة
الزمنية التي نصت على تسجيلها ولا يشترط أن تكون العلامة مسجلة في كل البلدان
بإسم صاحب العلامة فقد تكون العلامة
مملوكة لعدة شركات مختلفة تعمل في بلدان مختلفة ولكنها تنتمي إلى مجموعة واحدة أو
تربطها صلات وثيقة أو علاقات مشاركة وتعاون.
5/
ما يدل على نجاح إنفاذ الحقوق في العلامة في الدول المجاورة ولاسيما إقرار السلطات
المختصة بأنها علامة مشهورة وينبغي تفسير كلمة (الإنفاذ) تفسيراً واسعاً يشمل
إجراءات الاعتراض التي يمنع فيها مالك العلامة المشهورة من تسجيل علامة تشابه علامته.
6/
قيمة العلامة إذ أنه قد يستفاد من القيمة المرتفعة للعلامة أنها علامة مشهورة.
أما فيما يتعلق بمفهوم القطاع المعني من
الجمهور فقد أوضحت التوصية المذكورة سابقاً أن من عوامل شهرة العلامة مدى معرفتها
أو التعرف عليها في القطاع المعني من الجمهور وقد أبانت ذات التوصية أن القطاعات
المعينة من الجمهور تشمل على سبيل المثال وليس الحصر ما يلي(1):-
1/
المستهلكين الفعليين والمحتملين لنوع السلعة أو الخدمة التي تميزها العلامة.
2/
الأشخاص المعنيين في قنوات توزيع نوع السلع والخدمات التي تميزها
العلامة.
العلامة.
3/
الأوساط التجارية التي تتعامل في نوعية السلع والخدمات التي تميزها العلامة.
القانون
السوداني والعلامة التجارية المشهورة:
نجد أن قانون العلامات التجارية السوداني
لسنة 1969م قد نص في المادة الثانية على حالات محددة تمنع تسجيل أشكال محددة
كعلامات تجارية منها العلامات التي صارت متداولة لغوياً أو شائعة الاستعمال في
تجارة القطر كوصف متعارف لبضائع بعينها ومما تقدم يفهم أن المشرع السوداني قد ربط
شهرة العلامة التجارية بشهرتها ومعرفتها في المعاملات التجارية في السودان كعلامة
تجارية لبضائع محددة فيه. ومن ذلك نجد أن العلامة التجارية إذا كانت معروفة خارج
السودان ولم تعرف بعد في السودان يمكن تسجيلها كعلامة تجارية في السودان وهذا النص
يحتاج إلى إعادة نظر وذلك لعدة أسباب منها أن السودان يسعى إلى الإنضمام إلى منظمة
التجارة العالمية والتي تعتبر إتفاقية التربس إحدى عناصرها الأساسية وقد نصت هذه
الإتفاقية كما ذكرنا سابقاً على مبدأ حماية العلامة التجارية المشهورة وحيث أن هذا
النص يجب أن يكون هو الحد الأدنى من الحماية التى توفرها أي دولة في قانونها
الوطني إذا رغبت في الإنضمام لهذه المنظمة وذلك لأنه جاء في المادة (1) من الإتفاقية
المذكورة ما يلي(تلتزم البلدان الأعضاء بتنفيذ أحكام هذه الإتفاقية ويجوز للبلدان
الاعضاء دون إلزام أن تنفذ ضمن قوانينها ما يتيح حماية أوسع من التي تتطلبها هذه
الاتفاقية ، شريطة عدم مخالفة هذه الحماية لأحكامها ، وللبلدان الأعضاء حرية تحديد
الطريقة الملائمة لتنفيذ أحكام هذه الإتفاقية في إطار أنظمتها وأساليبها
القانونية) وكذلك منها أن تطور الإتصالات والتقدم التكنولوجي الكبير في الوسائط
الإعلامية أدى إلى أن تقوم الشركات الكبيرة بحملات إعلامية وترويجية ضخمة للسلع
والخدمات التي تقدمها الأمر الذي يؤدي إلى انتشار معرفة العلامات التجارية المميزة
للسلع والخدمات وكذلك منها سهولة التبادل التجاري بين دول العالم وانتقال السلع من
دولة إلى أخرى كل ما تقدم يصب في اتجاه ضرورة توفير الحماية للعلامة التجارية
المشهورة وهذه الحماية توفر عدد من المكاسب نذكر منها:
1/
الحفاظ على مصالح المالك للعلامة التجارية وذلك بمنع أى شخص آخر من استخدام ذات
العلامة كتمييز لسلع مماثلة للسلع التي ينتجها أو تكون مشابهة لها بحيث تؤدي إلى
لبس في أذهان المستهلكين.
2/
ضمان أن يحصل جمهور المستهلكين على أجود أنواع السلع والخدمات وذلك من خلال
اهتدائهم إليها بواسطة العلامة التجارية الأصلية التي تحملها وتميزها عن غيرها من
السلع والخدمات الأخرى.
3/
ضمان الاستقرار في السوق التجاري العالمي وذلك لأن هذه الحماية تضمن عدم التعدي
على العلامات المذكورة وبالتالي عدم وجود بضائع مقلدة أقل جودة من البضائع التي
تحمل العلامة التجارية المعروفة.
ولكن يجب الأخذ في الإعتبار أن الحماية التي
يجب أن توفر للعلامة التجارية المشهورة يجب أن تكون وفق ضوابط وذلك بأن توفر
الحماية في حالة تماثل السلع والخدمات التي تحمل ذات العلامة المشهورة أو في حالة
السلع والخدمات التي تكون مشابهة لها والتي تؤدي إلى حدوث لبس لدى جمهور
المستهلكين ولتوضيح ذلك مثلاً إذا كانت العلامة التجارية المشهورة هي العلامة
التجارية المميزة لزيوت سيارات محددة تنتجها شركة محددة فإنه يجب عدم تسجيل هذه
العلامة كعلامة تجارية مميزة لأي زيوت سيارات لشركة أخرى في السودان إلا للشركة
صاحبة العلامة الأصلية فقط ، أما إذا اختلفت السلع والخدمات بحيث لايحدث أى لبس
لدى جمهور المستهلكين فإن الحماية القانونية للعلامة التجارية المشهورة هنا تنتفي
فإذا كانت العلامة المذكورة هي علامة لزيوت سيارات فإنه يمكن لشخص آخر أن يستخدمها
كعلامة تجارية لمواد غذائية وهكذا.
ونرى أن التسجيل ليس شرطاً لحماية العلامة
التجارية المشهورة وإنما يجب الإعتداد بمعرفة وشهرة العلامة لدى جمهور المتعاملين
والمستهلكين للسلعة أو الخدمة التي تحمل العلامة المذكورة فإذا كانت العلامة
المشهورة هي مثلاً لإطارات السيارات فيجب أن تكون هذه العلامة معلومة ومعروفة لدى
التجار الذين يعملون في مجال الإطارات ، وكذلك يجب أن تكون كذلك لدى الجمهور
المستهلك لهذا النوع من السلع وهذا القول لا ينفي ضرورة التسجيل للعلامة المذكورة
والذي له أهمية بالغة في إثبات ملكية العلامة التجارية. ويمكن للمشرع السوداني أن يستعين بالمعايير
التي وضعتها الجمعية العامة لإتحاد باريس لحماية الملكية الصناعية والجمعية العامة
للمنظمة العالمية للملكية الفكرية في سبتمبر 1999م في معرفة العلامة المشهورة من غيرها والتى ذكرناها سابقاً.
ولعله من المناسب هنا وقبل أن نختم هذا
الموضوع أن نذكر سوابق حديثة في هذا الموضوع السابقة الأولى منها حدثت في جنوب
أفريقيا عام 1992م بين شركة سلسلة مطاعم
"ماكدونالدز" (Mcdonalds) الأمريكية الشهيرة وبين شركة (joburgers
driven restaurant (Pty) ltd ) من جنوب أفريقيا التي تعمل في مجال
المطاعم تحت إسم Joburgers فقد
قرر المدير الإداري للشركة (المذكورة في عام1992م) إنشاء مطاعم للوجبات السريعة
بإستخدام العلامات التجارية (Mcdonalds) و (Big Mac) وشعار الأقواس الذهبية وقدمت الشركة
المذكورة طلباً لتسجيل هذه العلامات والعلامات التجارية الأخرى التابعة لعلامة
(ماكدونالدرز) في جنوب أفريقيا وذلك على الرغم من أن تلك العلامات مسجلة بالفعل
إلا أنها غير مستخدمة وقد قرر القاضي الذي نظر هذه القضية أن علامة
"ماكدونالدز" لم تكن علامة مشهورة في جنوب أفريقيا ورفض الدعوى المقامة
من "ماكدونالدز" وأمر بشطب علامتها التجارية من السجل. وتم إستئناف هذا
الحكم حيث رفضت محكمة الاستئناف الحكم الذي توصلت إليه محكمة أول درجة وجاء بالحكم
عدد من المبادئ المهمة التي تتعلق بالعلامة المشهورة حيث جاء فيه بأنه ليس من
الضروري أن تكون العلامة مشهورة لدى كافة قطاعات المجتمع وإنما ينبغي فقط أن تكون
معروفة لدى القطاع ذي الصلة وكذلك رأت المحكمة انه يكفي لو أن عدداً كبيراً من
الأشخاص في القطاع المعني كانوا على دراية ومعرفة جيدة بالعلامة وكذلك أخذت
المحكمة في اعتبارها كدليل إثبات رقم المبيعات السنوي والإعلانات المروجة على
المستوى الدولي وأيضاً الحملات التسويقية لعلامة "ماكدونالدز" لاسيما
رعاية الألعاب الأولمبية إلى جانب الأثر المنتشر لتلك الإعلانات والطلبات العديدة
من المواطنين بجنوب أفريقيا للحصول على حقوق إستخدام علامة "ماكدونالدز"(1).
وكذلك نجد أن القضاء اللبناني قد تناول موضوع
العلامة التجارية المشهورة في قضية شركة (شامباني مويه أى شاندون) الفرنسية ضد
شركة (أرامنكس) اللبنانية وذلك بسبب قيام الأخيرة بتسجيل واستعمال العلامة
"شاندون باريس" في لبنان لتمييز بعض منتجات الملابس النسائية فقامت
الشركة الفرنسية بتقديم طلب لشطب العلامة المذكورة وذلك بسبب أنها تقليد لعلامتها
الشهيرة (مويه أيه شاندون) المسجلة في لبنان بتاريخ 14/10/1985م كما أنها ظلت
تستعمل نفس العلامة التجارية في لبنان منذ عام 1906م لتمييز نوع من الجاكيتات
وربطات العنق والقمصان الرجالية وقد صدر حكم محكمة أول درجة وقضى بشطب العلامة
التجارية (شاندون باريس) المسجلة من قبل الشركة اللبنانية وذلك لتشابهها مع
العلامة التجارية المشهورة المملوكة للشركة الفرنسية المدعية وتم تأييد هذا الحكم
بواسطة محكمة الاستئناف وقد جاء في الحكم المذكور أن العلامة المذكورة أصبحت على
مر العصور رمزاً للجودة بالإضافة إلى ذلك أنها موجودة في الأسواق العالمية منذ
مئتان وثمانية وأربعون سنة وفى الأسواق اللبنانية منذ مائة عام وهى ترصد سنوياً
رقماً كبيراً للدعاية في لبنان وصل عام 1990م إلى مبلغ تسعة وأربعون ألف وتسعمائة
وثمانون فرنك فرنسي(1).
(1) حماية
العلامة المشهورة في إتفاقية التربس وفي بعض التشريعات المقارنة ، د. محمد الشمري ،
بحث منشور في كتاب الحديد في القانون التجاري ، أبحاث منتقاة ومهداة من الفقهاء
والقضاة العرب إلى الأستاذة الدكتورة سميحة القليوبي 2005- ص320.
(1) أنظر
تفاصيل هذه القضية في "حماية العلامة التجارية في إتفاقية التربس وفي بعض
التشريعات المقارنة ، مرجع سابق – ص325 إلى 328 "